بسم الله الرحمن الرحيم
بقلوب تملؤها مشاعر الحزن والألم، يستقبل المؤمنون الأحرار ذكرى شهادة السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، مُعزين ولدها الإمام المهدي من آل محمد (عليهم السلام)، وكل متفجع لفقدها في أنحاء هذا العالم.
إن حياة الصديقة الطاهرة كانت مليئة بالعمل الدؤوب من أجل الإسلام العزيز في المواقع الجهادية المختلفة التي شغلتها، بدءًا بدور المسعف المعالج لجرحى المسلمين بعد انتهاء معارك التوحيد مع النساء المسلمات، وخصوصا تلك الجراح التي كانت تتوزع على الجسد المبارك لأمير المؤمنين (عليه السَّلام)، وليس انتهاءً بالأنموذج الأرقى للزوجة الصالحة في عملية بناء الأسرة، المُعد الحقيقي لبناء مجتمع صالح.
لقد تصدت (سلام الله عليها) لقيادة المعارضة السلمية ضد المتبنى الرسمي الذي رفض النص الإلهي، مدافعة عن إمامة أمير المؤمنين الخليفة الشرعي للرسول الخاتم، ولم يوقفها عن أداء تكليفها في الدفاع عن الحق كل المآسي التي تعرضت لها من رد شهادتها، والهجوم على دارها، وكسر ضلعها، وإسقاط جنينها، وانتهاك حرمتها.
لقد بذلت كل تلك التضحيات من أجل تغيير الواقع السياسي الفاسد والمستبد الذي سيطر على المشهد آنذاك، فلم تبايع الظالمين والفاسدين حتى ذهبت شهيدة.
إن المجتمع العراقي اليوم بحاجة إلى استلهام موقف السيدة الزهراء في السعي إلى تغيير الواقع المتردي من خلال اجتناب انتخاب الفاسدين، والسعي إلى استبدالهم بالصالحين المجاهدين، بغية الوصول إلى تحقيق العدالة، والعيش الكريم، ولا يتحقق ذلك كله إلا بالمساهمة في عملية التغيير، متبعين المنهج القرآني الذي يجعل الفرد نواة أولى للتغيير المجتمعي الشامل، كما أشار تعالى لذلك في قوله: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ...).
كتائب حزب الله
مجلس التعبئة الثقافية
3 جمادى الآخرة 1445 هـ
17 كانون الأول 2023 مـ