بسم الله الرحمن الرحيم
نغتنم حلول الذكرى الدامية لشهادة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) لنعزي إمامنا المهدي وكل محبي أمير العدل والحق والإنسانية التي فقدت بفقده المثل الأعلى المطلق الذي لم يتوقف جهاده وكفاحه من أجل رفع كلمة الله في الأرض وإرساء قيم الخير و الفضيلة حيث سخر كل إمكانياته المعنوية والمادية في هذا الميدان، لينقذ الإنسان من عبودية النفس والغرائز وينقله إلى ساحة الكمال والسعادة في مجتمع تسوده قوانين العدل والإنصاف وإن كلفه ذلك أن يسلك طريق الحق لوحده ولا يستوحش لقلة سالكيه، فكان نبراسًا يضيئ للأجيال طريق الكرامة والرفعة.
لقد كان أمير المؤمنين (عليه السلام) في كل حركته الفردية والمجتمعية في الجهاد والعلم والسياسة والحكم منسجمًا مع منظومة القيم الإلهية التي ينتمي إليها ولم يكن مستعدًّا للتنازل عنها في مختلف الظروف حتى قضى شهيدًا مدافعًا عنها.
لم تعرف البشرية شخصيةً جمعت ثنائيات عجيبةً كشخصيته المباركة فهو الشجاع المظلوم الذي يصبر على تحمل الظلم من أجل الحفاظ على المصلحة العامة، والغني الذي لا يملك المال لأنه ينفقه على الفقراء والمساكين، والقوي في الحرب، والضعيف أمام اليتيم في الساحة الاجتماعية، والضحاك عند منازلة الأبطال في سوح الجهاد، والبكاء في محراب عبادته، وكل ذلك لأنه نذر نفسه لخدمة دين الله وإعلاء كلمته ورعاية عباده وقد أطّرت الآية الكريمة هذه المسيرة العظيمة عندما نزلت فيه (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ).
فما أحوج العالم المعاصر اليوم إلى قيم الإمام علي (عليه السلام) وتضحياته وأخلاقه وعدله بعد أن سيطرت عليه إدارات الشر والطغيان لتسلب من أهله لذة العيش بكرامة، وأركسته في الرذيلة والتفاهة وأبدلت قيمه الخيرة بأخرى شريرة تحت عناوين مختلفة، وأبرز ما نعانيه اليوم هو الهيمنة على مقدرات الأمة الإسلامية نتيجة تبعية أغلب حكامها لمعسكر الاستكبار وتنفيذهم لمخططاته، ومشهد جرائم المعسكر الصهيوأميريكي في غزة والعراق واليمن شاهد صدق على ذلك في ظل غياب الموقف الإنساني والأخلاقي لنصرة المظلوم إلا من قبل محور المقاومة الذي يتخذ من سيرة الإمام علي (عليه السلام) منهجًا له.
فإذا أرادت الأمة الإسلامية أن تعود إلى عزتها فعليها أن تستحضر جهاد وتضحيات وقيم ومبادئ الإمام علي (عليه السلام) في حركته الجهادية المقاومة للظلم والباطل والزيف في الدفاع عن الحقوق وكرامة الإنسان والأوطان.
كتائب حزب الله
مجلس التعبئة الثقافية
۲۱ رمضان ١٤٤٥ هجرية
الموافق ۱ نيسان ۲۰۲٤ ميلادية