يحاول بعض الساسة والقيادات العسكرية الأمريكية من خلال التصريحات الصحفية (وإيعازها الى مصدر"غير مخول" رفض الكشف عن نفسه), التأكيد على أن ما يتعرض له الجيش الامريكي من هجمات عنيفة في العراق, أنما تتم "فقط" بأسلحة إيرانية, لا لشيء إلا لإيهام الرأي العالمي وخصوصاً الرأي العراقي, بأن ما يواجه الولايات المتحدة, لا يمكن اعتباره رفضاً لتواجدها العسكري من قبل اطراف وفصائل مقاومة عراقية حملت السلاح لطرد القوات الغازية, بل أن سياسة الاعلام الامريكية والدوائر المرتبطة بها تسعى جاهدة للإيحاء بأن المقاومة ما هي إلا تدخل أقليمي خارجي في شؤون العراق من قبل دولة مارقة (حسب وصف الاحتلال), عبر اذرع وجهات ارهابية, ولهذا السبب بالأضافة إلى غيرها من الأمور ادرجت الولايات المتحدة قبل عامين كتائب حزب الله على قائمة الارهاب الامريكية". وقد ساعد الولايات المتحدة في هذا المسعى (لصق الارهاب بالمقاومة) ما أرتكبته القاعدة والتنظيمات الارهابية المرتبطة بها من جرائم شنيعة بحق المجتمع العراقي بحجة مقاومة الاحتلال الامريكي.وبالتالي فان هذا الاسلوب الأمريكي يهدف إلى سلب الوطنية (من نظر الاخرين) عن هذا الفصيل الذي أثبت عنفوانه في مواجهة القوات الامريكية.
الشيء الاخر الذي تحاول الولايات المتحدة ان توهمه للاخرين من خلال تلك التصريحات, هو, أن ما يواجهها "امريكا" نشاط مسلح من قبل دولة أخرى, وبالتالي فأن ما يلحق بها من خسائر يعد أمراً مقبولاً نسبياً, بخلاف ما أذا اعترفت بأن الخسائر التي لحقتها هي نتيجة عمل مسلح لجهات صغيرة "نسبياً" تمتلك بعض الوسائل القتالية البدائية, فأن مثل هذا الأعتراف, لايمكن تقبله من قبل المجتمع الامريكي بإعتبار أن الولايات المتحدة هي القوة العظمى الاولى في العالم, فكيف تعجز بما تملكه من آلة حربية وتقنيات حديثة ووسائل متطورة عن ملاحقة واعتقال أو قتل هؤلاء المسلحين, خصوصاً وأن قواتها متواجدة وباعداد ضخمة في ارض قد أختبرتها بل وأدارتها, لثمان سنين.
كما أن مثل هذا الاعتراف الامريكي (بقوة فصائل المقاومة العراقية) سيعيد إلى الأذهان تكرار مشهد حزب الله اللبناني حين استطاع اخراج اسرائيل من جنوب لبنان , ولكن هذه المرة في العراق وفي مقابل الولايات المتحدة لا إسرائيل, وعلى ايدي مقاومة اسلامية تنتمي في عقائدها الدينية إلى ماينتمي اليه حزب الله اللبناني (المذهب الامامي الاثني عشري), مما سيزيد من احراج إدارة البيت الأبيض أمام الراي العام الامريكي والعالمي.
وأن كان هذا الانتماء المذهبي لكلي طرفي المقاومة الاسلامية في العراق ولبنان مع معتقد النظام الاسلامي في ايران قد شجع الولايات المتحدة في إلقاء تهمها المزعومة, إلا أنه لا يمكن إغفال استفادة الولايات من إلقاء التهم على إيران وتشويه صورتها لدى الشعب الامريكي والشعوب الغربية بصورة عامة, ولهذا ذهبت الولايات المتحدة بهذا الاتجاه إلى أبعد منحى, وعبر كبار المسؤولين الامريكيين, وما تصريح روبرت غيتس في إتهاماته لإيران قبل أن يغادر منصبه إلا تعزيزا لهذا المنحى . فقد زعم غيتس في تصريحه أن إيران تزود الفصائل الشيعية باسلحة متطورة تستعمل في مهاجمة القوات الامريكية في العراق .هذه الاسلحة المتطورة (بحسب قول غيتس) كانت ولحد قريب يطلق عليها جيش الاحتلال تسمية العبوات الناسفة المرتجلة المزروعة على جوانب الطرق والعبوات المرتجلة الطائرة والتي اطلق عليها غيتس تسمية "القذائف النفاثة". وهنا لابد من التنويه إلى أن مصطلح العبوة المرتجلة يعني بأن العبوة مصنعة محلياً.
لقد دأب قادة الاحتلال الامريكي ومنذ فترة ليست بالقصيرة على تكرار وإعادة اتهاماتهم (بصورة ممجوجة) لفصائل المقاومة الاسلامية (الشيعية) "انها تتلقى دعما من قبل إيران" في حين تتناسى الولايات المتحدة أنها قوة احتلال للعراق ومن حق الشعوب المحتلة الأستعانة بدول وجهات خارجية من أجل تحرير أرضها, فلا نواميس السماء ولا قوانين الارض ولا معاهدات الامم المتحدة تحرم أو تجرم ذلك.
وفي هذا الشأن نقلت cnn يوم الأحد الموافق "3-7-2011" عن مصدر، رفض كشف هويته لأنه غير مخول بكشف هذه المعلومات لوسائل الإعلام!، تصريحاً زعم فيه أن الأدلة التي جرى تجميعها، تشير إلى استخدام الفصائل المسلحة العراقية لمواد إيرانية في تصنيع ما تطلق عليه قوات الاحتلال "إيرامز" IRAMS، ومن ثم يوضح المصدر ماهية "الإيرامز" فيقول "وهي علب معدنية محشوة بالمتفجرات وتطلق بالصواريخ، وهذا النوع من الأسلحة بالإضافة إلى القذائف الخارقة للدروع، تسببتا في إيقاع غالبية القتلى بين صفوف القوات الأمريكية في الأشهر الأخيرة".
إلا أن المصدر (الغيرمخول) ما لبث أن ناقض نفسه حيث أقر بأن الأسلحة ربما يجري تجميعها وتصنيعها في مكان آخر، ليجزم بعد ذلك (أي المصدر) بأن "إيرامز" ممهورة بتوقيع "كتائب حزب الله"، .
ويتغافل "هذا الغير مخول" بأن IRAMS لم تسختدم من قبل اي فصيل مسلح اخر قبل كتائب حزب الله "بل لعل الكتائب هي المالك الحصري لهذا النوع من السلاح" وهنا لابد من القول إلى أن كتائب حزب الله والتي تطلق على هذا النوع من الاسلحة اسم "الاشتر" طالما أفتخرت بان سلاح الاشتر (ومن ثم سلاح الفقار والكرار) هو من ابتكارات كادرها الفني لم يسبقها احد في استخدام مثل هذا السلاح الذي اطاح بقواعد الاحتلال الواحدة تلو الاخرى.
بل أن الكتائب لها اهزوجة بذلك وباللهجة الشعبية العراقية تقول فيها " هذا الاشتر صنع وابداع الكتايب " وقد استهدفت بهذا السلاح في الاسبوع الاول من شهر حزيران الماضي, قاعدة امريكية في منطقة البلديات شرقي بغداد, وقد ادى الى مقتل ستة من جنود الاحتلال فضلاً عن عدد من الجرحى, بحسب اعتراف قوات الاحتلال, كما استهدفت قاعدة الاحتلال الامريكي "شاكر" في بدرة شرقي الكوت بسلاح اطلقت عليه تسمية الكرار " اكثر تدميراً من الاشتر" ادى إلى مقتل ثلاثة من جنود الاحتلال فضلاً عن عدد من الجرحى قيل أنها دزينة (12 جريحاً) وقيل أنها اكثر.