كتائب حزب الله تدعو النخب الثقافية والخطباء إلى التعامل مع شهر رجب بوصفه فرصة لإعادة بناء الانسان الرسالي القادر على التمييز والصمود

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ
﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا﴾ التوبة/36

يستقبلُ المسلمون شهرَ رجبَ الأصبَّ، أحدَ الأشهرِ الحُرُمِ، بوصفِه محطةً زمنيةً ذاتَ دلالةٍ عقديةٍ وتربويةٍ عميقةٍ، أُريدَ لها أن تُعيدَ ترتيبَ علاقةِ الإنسانِ باللهِ، وبالحقِّ، وبالمسؤوليةِ التاريخيةِ.
إنَّ شهرَ رجبٍ في الذاكرةِ الإسلاميةِ الأصيلةِ ليس شهرَ عبادةٍ فرديةٍ فحسب، بل شهرُ بناءِ المعنى؛ فيه تتكثّفُ الإشاراتُ الكبرى التي رسمت مسارَ الإسلامِ المحمديِّ الأصيلِ، من بعثةِ النبيِّ الأعظمِ محمدٍ (صلى الله عليه وآله)، إلى ولاداتٍ وشهاداتٍ جسّدتِ الامتدادَ العمليَّ للرسالةِ في سلوكِ الأئمةِ المعصومينَ (عليهم السلام).
ويؤكدُ مجلسُ التعبئةِ الثقافيةِ أنَّ مواليدَ الأئمةِ في شهرِ رجبَ—وفي مقدّمتهم:
الإمامُ محمدُ بنُ عليٍّ الباقرُ (عليه السلام)، الذي دشّنَ مرحلةَ تفكيكِ الجهلِ المنهجيِّ وبناءَ مدرسةِ الوعيِ العلميِّ في زمنِ التضليلِ،
والإمامُ عليُّ بنُ محمدٍ الهادي (عليه السلام)، الذي واجهَ السلطةَ العباسيةَ بأدواتِ الصبرِ الاستراتيجيِّ، وإعادةِ هندسةِ الارتباطِ الواعي بالإمامِ،
وأميرُ المؤمنينَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ (عليه السلام)، المولودُ في قلبِ الكعبةِ، بوصفِه النموذجَ الأعلى للعدالةِ والولايةِ والالتزامِ الرساليِّ،
ليست مناسباتٍ تاريخيةً معزولةً، بل نماذجَ إدراكيةً حيّةً تقدّمُ للإنسانِ المعاصرِ مفاتيحَ مقاومةِ التفريغِ القيميِّ، والانهيارِ الأخلاقيِّ، والحربِ الناعمةِ التي تستهدفُ الهويةَ قبلَ السلوكِ.
وفي هذا السياقِ، يشدّدُ المجلسُ على أنَّ أخطرَ ما تواجهُه الأمةُ اليومَ ليس الصراعَ العسكريَّ المباشرَ، بل الحربَ الإدراكيةَ التي تعملُ على:
فصلِ الإنسانِ عن جذورِه العقديةِ،
وتحويلِ الدينِ إلى طقسٍ منزوعِ الأثرِ، وإعادةِ تعريفِ الرموزِ الدينيةِ بوصفِها شخصياتٍ تاريخيةً لا مشاريعَ هدايةٍ.
ومن هنا، فإنَّ إحياءَ شهرِ رجبَ لا يُختزلُ في الممارساتِ التعبديةِ فحسب، بل يتطلبُ:
استعادةَ المعنى الرساليِّ للأئمةِ (عليهم السلام) بوصفِهم قادةَ تغييرٍ لا رموزَ احتفالٍ.
تحويلَ المناسباتِ الولاديةِ إلى منصّاتِ وعيٍ تُنتجُ خطابًا أخلاقيًا وعقليًا مضادًا للتضليلِ.
ربطَ العبادةِ بالمسؤوليةِ الاجتماعيةِ، وفقَ المنهجِ الذي أسّسه أهلُ البيتِ (عليهم السلام).
إنَّ مجلسَ التعبئةِ الثقافيةِ، وهو يعلنُ استقبالهُ لشهرِ رجبَ الأصبِّ، يدعو النخبَ الثقافيةَ، والخطباءَ، والكتّابَ، والمؤسساتِ التربويةِ، إلى التعاملِ مع هذا الشهرِ بوصفِه فرصةً لإعادةِ ضبطِ البوصلةِ الإدراكيةِ للأمةِ، وبناءِ الإنسانِ الرساليِّ القادرِ على التمييزِ، والصمودِ، والفعلِ الواعيِ.
والحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ


مجلس التعبئة الثقافية                
22 كانون الاول 2025 ميلادية           
الموافق 1رجب 1447 هجرية          

 

اترك تعلیق

آخر الاخبار