تطرق سماحة السيد حسن نصر الله في خطبة عيد المقاومة والتحرير في بعض ما تطرق فيه ,قائلاً " يجب أن ينتبه أهل الثورات من الامريكيين، ولا يحسنوا الظن بهم، يجب أن لا يثقوا بوعودهم، يجب أن يعرفوا أن أمريكا لا يهمّها إلا مصالحها".
وأشار سماحته, " لو كان السيد أوباما صادقاً فيما يدّعيه من احترامه لإرادة الشعوب ومن دعوته الحكام إلى احترام شعوبهم، يجب أن يبدأ من نفسه ويحترم إرادة شعوبنا العربية والإسلامية، إذا كان صادقاً فيما يدعيه، ما هي إرادة الشعب العراقي اليوم؟ إرادته بالإجماع أو شبه الإجماع أن قوات الاحتلال الأمريكي يجب أن تخرج من العراق، لكي تحترم إرادة الشعب العراقي اخرج (يا أوباما) ولا تضغط على الحكومة العراقية والقوى السياسية العراقية لتبقى في العراق محتلا بأسماء حضارية. أي إنه يريد في سفارته في بغداد 7000 وأن يحميها بـ 12000، ويريد في كل محافظة قنصلية ويحميها ألف، أي أنه يريد أن يبقي حوالي خمسين ألف جندي تحت عنوان سفارة وقنصليات. إن كنت تحترم إرادة الشعب العراقي أخرج من العراق".
وهذا النص الكامل لخطاب سماحة السيد حسن نصر الله
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين ابي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وعلى جميع الشهداء والمجاهدين في سبيل الله إلى يوم القيامة.
الأخوة والأخوات جميعا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنني أرحب بكم في عيدكم وأرجو أن تعتبروا أن حضوركم تحت الشمس هو شكل من أشكال المساهمة والمساواة لمجاهدي المقاومة الإسلامية الذين أمضوا ثلاثين عاماً تحت الشمس.
في البداية أتوجه إليكم جميعاً، إلى كل اللبنانيين وإلى أمتنا العربية والإسلامية بالتبريك في عيد المقاومة والتحرير الذي سنتحدث عنه إن شاء الله والذي يناسب هذا العام مناسبة جليلة وتزامناً عزيزاً يزيد هذا العام تألقاً وبركة وهو ذكرى ولادة بضعة الرسول سيدة نساء العالمين أم أبيها وروحه التي بين جنبيه السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام.
لقد اخترنا هذا العام لنحيي الذكرى والعيد في البقاع في بلدة النبي شيت في جوار أستاذنا وقائدنا وسيد شهدائنا السيد عباس الموسوي رضوان الله تعالى عليه لأننا نريد من خلال انتخاب المكان في هذا الزمان أن نؤكد على شراكة البقاع وأهل البقاع في تحرير الجنوب والبقاع الغربي تأسيساً وتداوماً واستمراراً وحتى الآن وإلى تحقيق الأهداف وتذكيراً بجهاد هذه البلدة المباركة والطيبة التي كانت من البلدات الأولى في البقاع التي آمنت بالمقاومة واحتضنتها منذ زمن الإمام القائد المغيب السيد موسى الصدر.
هذه البلدة التي كانت حضنا دافئاً وملاذاً آمناً للمهاجرين إليها من المجاهدين من الأرض اللبنانية المحتلة، وكانت صلة الوصل بين معسكرات التدريب في جنتا ويحفوفا وتلالها ووديانها وبين ساحات وميادين العمليات في الجنوب والجبل والبقاع الغربي والضاحية وبيروت أيام الاحتلال، مازالت، في جوار مرقد سيدنا وقائدنا السيد عباس وزوجته السيدة العزيزة الجليلة الشهيدة أم ياسر وطفله الصغير حسين، لنذكر العالم بدور هذا القائد والأستاذ والمعلم والمجاهد والمقاوم والمؤسس والمتواضع والزاهد والخلوق والمضحّي حتى بالعائلة وبالولد وبالنفس ولنعطي للذكرى وللعيد بعض معانيه التي يجب أن نذكّر بها.
أيها الأخوة والأخوات:
في هذا المكان، في جوار تلال ووديان جنتا ويحفوفا ومعسكرات التدريب الأولى التي التحق السيد عباس بدورتها العسكرية الأولى تفوح رائحة الشهداء الزكية في كل تلّة، في كل وادٍ، عند كل طريق كان يسقط الشهداء بالقصف الجوي الإسرائيلي عندما كنا نتدرب مكشوفين ومصممين على أن نأخذ بأسباب القوة لنستعيد أرضنا ونستعيد كرامتنا ونستعيد حريتنا ونمنع الاجتياح والاحتلال من تحقيق أيّ من أهدافه. هذه الأرض مليئة بالذكريات التي يجب أن يجدد إحياؤها في كل يوم وليلة وليس في كل عام.
إخواني وأخواتي:
لكثرة الموضوعات، وأنا منذ زمن لم أطل وأتحدث معكم، أجد نفسي ملزماً بالدخول إلى الموضوعات بعيداً عن المقدّمات والمديح الذي كنتم وما زلتم بغنى عنه .
في هذه المناسبة في هذه الكلمة أودّ أن أتحدث عن موضوعات عدة:
عن الوضع الفلسطيني وعن الوضع العربي وعن الوضع في سوريا لأنها المرة الأولى التي نتكلم فيها بهذا التفصيل وهذا الوضوح وأخيراً عن وضعنا في لبنان، وبالتأكيد سأكون مهتماً بالحدث السياسي الإعلامي الكبير الذي لا يمكن تجاهله وهو الخطابات والمواقف الأخيرة التي أعلنها رئيسا الاحتلال والطغيان والاستكبار في العالم باراك أوباما ونتنياهو في الأيام الأخيرة، حيث أعود إلى بعض مضامين هذين الخطابين في كلّ وضع من الأوضاع التي سأتحدث عنها.
نحن لدينا هذا الالتزام السنوي بإحياء عيد المقاومة والتحرير، نحن نصر في هذا الإحياء على التأكيد على أنّ هذا العيد ليس عيداً لجماعة وليس عيداً لطائفة وليس عيداً لفئة، وإنما هو عيد لكل الشعب اللبناني بل يجب أن يكون عيداً للشعب الفلسطيني ولشعوب أمتنا العربية والإسلامية.
نؤكد في عيد المقاومة والتحرير أنّ انتصار المقاومة في 25 أيار هو ثمرة تراكم كل التضحيات منذ عام 1948 إلى اليوم من كل القوى والفئات والأحزاب التي صمدت وصبرت وقاومت وقاتلت واعتقلت وجرحت وقدمت الشهداء، لذلك نحن نحرص أن يكون عيداً وطنياً بامتياز، وعيداً قومياً بامتياز.
وإذا استطعنا أن نحول عيد 25 أيار إلى عيد وطني بامتياز سوف يكتشف اللبنانيون عظمة الإنجاز التاريخي الذي تحقق في 25 أيار عام 2000 بعيداً عن الأحقاد والعصبيات والحسابات الداخلية والزواريب اللبنانية، والنظر إلى الانتصار أنه انتصار وطني وانتصار قومي بامتياز.
عندما نصر على إحياء المناسبة، أولاً لعظمتها وثانياً لأهمية دلالاتها الحيّة والدائمة والخالدة التي نحتاج إليها في حياتنا وثالثا لمركزيّتها في أحداث لبنان والمنطقة لأنّ ما حصل في 25 أيار 2000 غيّر وجه لبنان وغيّر المعادلات في المنطقة، هناك حاجة دائمة إستراتيجية ومعنوية خصوصاً، إستراتيجية على المستوى السياسي والعسكري وإستراتيجية خصوصاً على المستوى المعنوي لإحياء هذا العيد وترسيخه.
في تاريخنا المعاصر هناك يوم النكبة وبعد أيام هناك يوم النكسة، أمتنا التي تستحضر أيام النكبة وأيام النكسة تحتاج إلى أيام الانتصارات لتتخلّص من الآثار المعنوية والنفسية والسياسية والعسكرية لأيام النكبة....وأيام النكسة ولتمسح تلك الأيام السوداء من تاريخها ووجدانها وحاضرها ومستقبلها.
اليوم عندما نرى ما حولنا ونسمع من جديد المواقف والخطابات من أوباما أمام اليهود الصهاينة وداعميهم في "إيباك" ومن نتنياهو أمام الأمريكيين في الكونغرس ـ فالمكان والشكل والمضمون كله مهم ـ عندما نسمع إلى هذه الخطابات نزداد قناعة بصحة خياراتنا وسلامة وصوابية طريقنا منذ البداية. لقد أثبتت أحداث ومجريات العقود الثلاثة الماضية بالحد الأدنى منذ العام 1982 أن الخيار الصحيح والواقعي (...) والعقلائي والمنطقي والمجدي والمنتج والموصل والمحقق للأهداف هو المقاومة الشعبية المسلحة، وأنّ الخيار العبثي وغير الواقعي والجنوني واللا منطقي والذي لا يوصل إلى هدف بل لا يوصل إلا إلى الإحباط والاكتئاب والذل والهوان والتسوّل والشحاذة على الأبواب والأعتاب هو خيار المفاوضات.
لو انتظرنا في لبنان إجماعاً وطنياً عام 1982 وبعد عام 1982 أو إجماعاً عربياً أو إستراتيجية موحدة أو تحركاً دولياً أو أمماً متحدة أو أمريكا أو الغرب لكانت أرضنا اليوم في سنة 2011 ما زالت تحت الإحتلال، لكانت إسرائيل أكملت احتلال لبنان وأتت إلى بعلبك والهرمل وطرابلس وزغرتا وبقية لبنان، لكانت المستعمرات أقيمت على أراضي جنوب الليطاني بالحد الأدنى، لكان لبنان يشكّل إسرائيل ثانية في المنطقة ليس في خاصرة سوريا بل في خاصرة كل الأمّة، لكان ملايين اللبنانيين مهجّرين داخل وطنهم، وكان وكان وكان...
أمّا المقاومة بتضحياتها وجهادها ودماء شهدائها وبصبرها أسقطت كل هذه النتائج المحتملة، أعادت لنا أرضنا وكرامتنا بدون قيود أو شروط وأوجدت تحولاً تاريخياً أيضاً في مجرى الصراع العربي الإسرائيلي على مستوى المنطقة. لو عدنا قليلاً(إلى الوراء)، ـ لماذا أقول أحياناً أن بعض اللبنانيين حتى الآن لا يدركون عظمة وتاريخية الإنجاز عام 2000 ـ لنسأل الإسرائيلين ومَنْ من الإسرائيليين؟ اليمين الإسرائيلي (حول ما حصل في أيار 2000) ، إسحاق شامير يومها قال: "إنّ إسرائيل بعد الإنسحاب من لبنان هي غير إسرائيل قبل الإنسحاب من لبنان"، هو لا يتحدث عن إسرائيل ولبنان بل عن إسرائيل في المنطقة، شامير نفسه يقول: "لو قدّر لـ بن غوريون أن يعود إلى الحياة وينظر من فوق قبره إلى إسرائيل لوجد أن ّالاساس الإستراتيجي الذي قامت عليه هذه الدولة قد انهار"، ما هو الأساس الإستراتيجي لـ بن غوريون، هو استراتيجية التغلب النفسي على العرب، أي أنّ على العرب أن يعتقدوا أنّ إسرائيل قوية ومقتدرة وجيشها لا يقهر وأن ليس أمامهم سوى خيار القبول بإسرائيل والأستسلام لشروطها، بن غوريون يقول: يجب أن نصل إلى المرحلة التي يعتقد فيها الجندي العربي أنّ الخيار الوحيد المتاح أمامه في المعركة هو الهروب. عام 2000 الذي هرب هو الجندي الإسرائيلي، في العام 2000 الذي سقط هو الجيش الذي لا يقهر، في عام 2000 تغيرت المعادلة، وهذا بسبب هذا الخيار وسلامة هذا الخيار.
أيضا نتنياهو الذي كان يتحدث منذ يومين، يقول في محاضرة له عام 2007: "إنّ المسار التاريخي لدولة إسرائيل قد انقلب بدءاً بالانسحاب من لبنان عام 2000 وصولا إلى الانسحاب من قطاع غزة وانتهاء بحرب تموز 2006، فإسرائيل لم تعد بنظر العرب دولة لا تهزم، وقد عاد التساؤل الوجودي حول إمكانية بقاء إسرائيل يلوح من جديد ليس فقط لدى الأعداء وإنما لدى الأصدقاء أيضاً".
بالأمس نتنياهو في الكونغرس ـ صحيح أنّه كان يتظلم ويقدّم نفسه كمسكين ـ ولكنني كنت أرى وهو يتحدث عن صواريخ لبنان وصواريخ غزة وعن إيران وسوريا الخوف في عينيه.
بكل الأحوال نحن دائما بحاجة لأنّ نبحث في خياراتنا ووسائلنا على مستوى لبنان والمنطقة لأنّ الاحتلال ما زال قائما ولأنّ التهديد ما زال مستمراً. ومن هنا أبدأ بالعنوان الفلسطيني.
بعد أن استمعنا لخطابي أوباما ونتنياهو، (يأتي) التساؤل الكبير: ماذا ترك أوباما ونتنياهو للشعب الفلسطيني وللسلطة الفلسطينية وللفصائل الفلسطينية، ماذا تركا؟
إذا رجعنا لأوباما في مؤتمر "إيباك": أمام الصهاينة جدد التزامه الحازم بأمن إسرائيل وبتفوق إسرائيل على كل دول المنطقة وليس على الفلسطيني فقط، وأنه في زمن إدارته ـ ونحن الذي نقول عنه إنه معتدل ونسميه باراك حسين وأبو علي حسين ـ دفع الأمور إلى مستويات غير مسبوقة في التعاون الأمريكي الإسرائيلي. نحن شعوب قلوبنا طيبة، نُغشّ بلونه الأسود واسم أبيه حسين. لكن هو دفع في عامين فقط علاقات التعاون الأمريكي الإسرائيلي، أعلن رفضه لدولة فلسطينية من جانب واحد، أعلن رفضه للمصالحة بين فتح وحماس لأنّه يؤيد الفتنة ليس في فلسطين فقط بل في كل بلد عربي وإسلامي، تحدث عن دولة فلسطينية شوهاء منزوعة السلاح، تحدث عن حدود عام 1967 فلم "يضاين (يصمد) يومين".
هذا رئيس أمريكا، "يومين لم يضاين" وخرج يشرح ويعمل حاشية وتعليق وتفسير وتوضيح في "إيباك" عن قصده من حدود العام 67 بما هو أقرب إلى الإعتذار من الصهاينة. هذا أوباما...
نتنياهو، أمس، بالشكل والذي نقلته وسائل الإعلام صحيح، التصفيق كان أكثر من الحكي، لم تمرّ جملة قالها إلا صفقوا له ووقفوا وصفقوا له، وفي الكونغرس هذا تقليد له معنى، مرة يصفقون وهو جالسون، ومرة يقفون ويصفقون، يعني أن كل ما قاله نتنياهو في الكونغرس الأمريكي هو موضع إجماع من الحزبين الجمهوري والديموقراطي في أمريكا، والعرب الذين يضحكون على شعوبهم ويقولون لهم إنّ (الحزب) الديموقراطي شيء (والحزب) الجمهوري شيء، وهذا معتدل وهذا متطرف، أمس كانت أمريكا اسمها نتنياهو، أمريكا أمس كان اسمها نتنياهو...
ماذا قال نتنياهو: القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، اللاجئون فتشوا لهم عن حل خارج الحدود، وهنا لبنان معني بشكل أساسي بهذه النقطة، دولة إسرائيل يهودية ويجب الاعتراف بيهوديتها، تواجد عسكري إسرائيلي على نهر الأردن، المستوطنات الأساسية في الضفة ستضم إلى الكيان، الدولة الفلسطينية ستكون منزوعة السلاح ولا عودة إلى حدود الـ 67، وبعدها طلب من الرئيس محمود عباس أن يمزق الإتفاق مع حماس والعودة إلى المفاوضات. بعد أنّ احتفظ بكل هذا، كيف يفاوض الفلسطيني الذي يذهب إلى المفاوضات، ماذا سيحكي؟ فالقدس "خالصة" والحدود "خالصة" والمستوطنات "خالصة" واللاجئين "خالصين"، كل شيء "خالص". لا يوجد ما يتفاوض عليه. و الأنكى من هذا أنّه بعدما احتفظ بكل شيء وعد بأنّ يكون سخيّاً فيما يقدمه للفلسطينيين وأنه سيقدم تنازلات مؤلمة، انظروا الخداع والتضليل وقلة الحياء والكذب. لكن نحن أمّة هكذا يتعاطى معها أعداؤها للأسف الشديد.
إذان، الأمريكي والإسرائيلي حدّدا موقفهما بوضوح، وأعلنا رؤيتهما للحل أمام العالم، وعلى هذا الأساس حددا العدو والصديق. عندما تحدثا عن إيران وعن سوريا وعن حزب الله وعن المقامة في فلسطين وخصوصاً حماس هنا ما هو الرد، ما هو الرد الفلسطيني، ما هو الرد العربي، الجواب لم يكن فقط للفلسطينيين... بالأمس أوباما ونتنياهو كلاهما وجها ضربة قاضية ونهائية لِمَا يسمّى المبادرة العربية للسلام، ماهو موقف الحكمات العربية وموقف الجامعة العربية إزاء ذلك: أما آن الأوان لهذه المبادرة أن ترفع عن الطاولة؟
في مؤتمر الكويت قال الملك عبد الله بن عبد العزيز: لا نستطيع أن نتحمل أن تبقى هذه المبادرة طويلاً على الطاولة. هل الوقت ما طال (ألم يطل الوقت) بعد هذه الخطابات؟ ألم ينتهِ؟ أنا أطالب باسمكم جامعة الدول العربية أن تعلن رداً على خطابات ناتنياهو وأوباما سحب المبادرة العربية من التداول نهائياً. الرد على هذا المستوى من الخطاب يجب أن يكون حده الأدنى سحب المبادرة العربية وحدّه الأعلى أن نكون أمة تعلن لاءاتها، كما يقول ناتنياهو المهزوم في لبنان عام 2000، المهزوم في غزة، المهزوم في حرب تموز، الخائف من التحولات في المنطقة، يملك الشجاعة والجرأة ليقول لا لعودة القدس لا لعودة اللاجئين لا لحدود ال67، أن نكون أمة تقف بجرأة لتقول: لا للتفاوض، لا لوجود إسرائيل، لا لاحتلال القدس، نعم للمقاومة. الأمة التي لا تفعل هذا أمة ميتة، والحكومات التي لا تفعل هذا حكومات ميتة. في هذا اليوم ماذا بقي أمام الفلسطينيين من خيارات؟ هل ما زال البعض من الفلسطينيين حقيقة يأمل شيئاً من المفاوضات أو يأمل شيئاً من الإدارة الأمريكية التي هدّدته بالمساءلة والمطالبة والمواجهة في مجلس الأمن وفي الأمم المتحدة.
مجدداً في الخامس والعشرين من أيار اللبناني العربي، في عيد المقاومة والتحرير أقول لكم: ليس أمام الفلسطينيين سوى المقاومة لصنع التحرير. أنا ادعوهم باسم لبنان المنتصر إلى الاجتماع والتلاقي، فتح وحماس والجهاد وكل الفصائل وكل فئات الشعب الفلسطيني، على هذا الخيار وأدعو الأمة كلها لاحتضان خيار المقاومة الفلسطينية وتقديم كل أشكال الدعم والمساندة له لأن ما يجري ليس تهديداً لفلسطين وإنما للأمة كلها.
موقفنا من الوضع العربي
في البداية يجب أن أعلق على شائعات تتناقلها بعض وسائل الإعلام العربية وبعض مواقع الإنترنت وخصوصا في لبنان ووردت في تصريحات بعض المسؤولين أيضاً الأجانب والعرب وهذا النفي أو التوضيح لا يرتبط بموقفنا السياسي مما يجري في هذا البلد العربي أو ذك لا سلباً ولا إيجاباً وإنما من قبيل توضيح الحقائق.
قبل مدة قائد (حلف) الناتو في أوروبا يقول إن حزب الله والقاعدة موجودين عسكرياً في بنغازي وفي شرق ليبيا. هذا غير صحيح.
حكومة القذافي قبل أسابيع تقول إنه في مصراتة، المدينة الليبية التي ما زال (يدور) فيها القتال بين الثوار وقوات القذافي، إن هناك قناصين ـ ليس مقاتلين عاديين وإنما قناصون ـ من حزب الله في مصراتة، يقاتلون. هناك هذا غير صحيح.
قبل عامين عندما حصلت بعض التظاهرات في طهران وتم معالجتها من قبل الإخوة الإيرانيين، بعض المواقع الإلكترونية للمعارضة الإيرانية ـ تعرفون أن جزءاً من المعارضة الإيرانية، مجاهدي خلق، لديهم علاقة بإسرائيل ـ نشرت بشكل واسع ـ ونقلتها صحف خليجية للأسف ـ أن هناك 1500 مقاتل من حزب الله في طهران هدفهم قمع المظاهرات. الإيرانيون دولة عظيمة وقوة إقليمية كبرى والعالم يحسب لها حساب ترعب أوباما وناتنياهو، تود معالجة "كم متظاهر" فتأخذ 1500 مقاتل من حزب الله! وعندما يريد الشخص أن يكذب كذبة إذا كبرها كثيراً تظهر.
هذا طبعاً موضوع له سوابق. في اليمن ـ تذكرون ـ عندما كان ما يسمى بالحرب السادسة بين نظام علي عبد الله صالح والحوثيين، أكيد كنا نحن متعاطفين مع الحوثيين، هم مظلومون ومعتدى عليهم. في ذلك اليوم قيل إن حزب الله في اليمن وان هناك خمسين شهيداً لبنانياً من حزب الله، وحزب الله مربك كيف سيبلغ أهلهم وكيف سيدفنهم. أين هم؟ "ليش في لبنان اذا مات أحد هل يخبأ". كيف إذا استشهد في اليمن أو غيرها.
وصولاً إلى سورية. في بداية الأحداث، في الأيام الأولى ظهر على قناة العربية ـ ليست مشكلة اذا سميت بالتحديد ـ خرج معارض سوري بقي 24 ساعة يظهر بالصوت والصورة ويوجه خطابه لي ويقول إن حزب الله أرسل ثلاثة آلاف مقاتل إلى الشام للدفاع عن النظام السوري. وطبعاً هو قوي يهددنا: يا فلان إن لم تسحبهم كما أرسلتهم بالحافلات سنعيدهم لك بالأكفان. هذا كذب. مع ذلك، مسؤول العلاقات الإعلامية في حزب الله ظهر ونفى على قناة العربية. أظهروا له نفيه مرة واحدة وبقي الخبر أربعاً وعشرين ساعة على هذه الفضائيات العربية المحترمة.
في هذه الأيام هناك حديث في بعض الفضائيات العربية وبعض المواقع. هناك مطبخ يوزع الخبر: جريدة تنقل عن فضائية والموقع الالكتروني ينقل عن الجريدة فيظهر أن هناك شياع ومصادر متعددة، وهو مطبخ واحد.
تبين لهذه وسائل الإعلام المحترمة، خصوصاً بعض المواقع الإلكترونية ـ على سبيل المثال موقع القوات اللبنانية في لبنانـ ولا اقوم بالترويج له، أن هناك قناصين من حزب الله في حمص، أي إننا وزّعنا قناصين بين حمص ومصراته، وأن لحزب الله في حمص عشرة شهداء استشهدوا هناك ويُعمل على جلبهم ودفنهم في لبنان.
الحمد لله في البحرين حتى الآن لم يجرِ أي عمل عسكري ليُتهم حزب الله به، وما زال الشعب في البحرين يواصل تحركاته السلمية جداً، جداً سلمية، ولم يلجأ بالرغم من هدم المساجد والحسينيات والمآتم وقتل المعتقلين واعتقال النساء ومداهمات البيوت إلى أي عمل عسكري، بل إلى أي عمل عنفي حتى هذه اللحظة، لذلك في البحرين لم نُتهم بالعمل العسكري، اتهمنا بشيء آخر.
هذا النفي مهم جداً قبل أن أدخل إلى الوضع العربي بكلمتين وإلى الوضع السوري بكلمات، لكن أحب أن أقول لكل هؤلاء الكذابين في العالم العربي، من فضائيات وصحف ومواقع إلكترونية وصحافيين كسبة، يكتبون بالمال من فيلتمان وكلينتون وأوباما، مصدر الخبر المال وليس الحقائق الميدانية.
أنا أقول لهم إن تدخلنا العسكري في أي بلد من البلدان العربية ليس مسؤوليتنا على الإطلاق، ولكن لنفترض أننا في يوم من الأيام ذهبنا لنقاتل في ساحة من الساحات، أنا أقول لكم وللعالم: نحن في حزب الله نملك الشجاعة والجرأة لنقول أين نقاتل وأين نقتل وأين نستشهد لأن الساحة التي نقاتل فيها تكون ساحة شرف وليست ساحة عيب نستحي أن نقاتل فيها وأن نتواجد فيها.
في الوضع العربي
على المستوى السياسي نعم نحن كان لنا في حزب الله مواقف واضحة إلى جانب الثورات والشعوب في مصر في تونس واليمن وليبيا والبحرين.
أقمنا لذلك احتفالاً خاصاً وتحدثنا بوضوح في ذاك الاحتفال وما بعده، الأخوة القياديون في حزب الله ووسائل الاعلام. موقفنا ينطلق من أي ساحة عربية أو ثورة عربية أو تحرك شعبي من زاويتين، "وأتمنى هنا أن نكون دقيقين"
الزاوية الأولى: موقف هذا النظام العربي من مسألة الصراع العربي الإسرائيلي. موقفه، موقعه، دوره هذا النظام أين في قضية الأمة المركزية فلسطين، وهذه الأنظمة التي تكلمنا عنها منذ قليل، تونس مصر ليبيا اليمن البحرين كأنظمة، مواقفها ومواقعها ودورها مفهوم، وخصوصا فيما يتعلق بالنظام المصري.
الحيثية الثانية: هي عدم وجود أي أفق وأمل في الإصلاح على المستوى الداخلي. عندما يكون النظام مقفلاً لكل الأبواب والنوافذ، حتى ثغرات صغيرة، لإجراء إصلاحات لمصلحة شعوب هذه البلدان.
انطلاقا من هاتين الحيثيتين نحن نتخذ موقفنا، نحن معاييرنا واضحة، مكيالنا واضح، لا نكيل بمكيالين، وليست لنا معايير متفاوتة. هناك ثورات انتصرت في تونس وفي مصر. انتصرت مبدئيا ولكنها لم تستكمل انتصارها حتى الآن. وهناك بلدان عربية دخلت في أوضاع صعبة كليبيا واليمن والبحرين.
بطبيعة الحال أهل كل بلد أعلم بكيفية مواجهة أوضاعهم وحل مشاكلهم. أهل اليمن أدرى باليمن، وأهل البحرين أدرى بالبحرين، وأهل ليبيا أدرى بليبيا، وهكذا. لكن نحن نأخذ موقفاً عاماً، ونحن عندما نأخذ موقفاً إنما نتطلع ـ كل ما نتطلع إليه هو ـ أن تكون بلادنا العربية والإسلامية تنعم بحالة من الانسجام بين الحكومات والشعوب، وأن تحمل الأنظمة والحكومات هموم شعوبها وتعالجها، وأن تعيش بلداننا أفضل حالات الأمن والاستقرار والنمو على كل صعيد.
هذا أملنا جميعاً: أن تكون أنظمتنا وحكوماتنا بمستوى طموحات هذه الأمة وبمستوى المواجهة المركزية التي تحملت هذه الأمة مسؤوليتها حتى الآن.
لكن في الوضع العربي، نرى من واجبنا اليوم أن نلفت وأن نحذر، لأن أمريكا وإسرائيل يريدان مصادرة الثورات العربية "حكي أوباما"، مصادرتها بالكلام المعسول وببعض الأموال.
ما قيمة المليارين من الدولارات؟ هل تعرفون أيها الإخوة والأخوات إن أحد رجال الأعمال الخليجيين، ولا أريد أن أقول من أي بلد، أخبرني أن دولة خليجية واحدة يودع أغنياؤها 3300مليار دولار في البنوك الأمريكية، أعيد 3300مليار دولار أميركي في البنوك الأمريكية، وهناك يعمل الأمريكيين على استثمار هذه الأموال. وغداً أمام أي حدث ما في هذه الدولة الخليجية يخرج أوباما ويصادر هذه الأموال.
وما قيمة مليارين من الدولارات يعمل من خلالها لرشوة مصر. مصر، أم الدنيا، نصف العرب. وهل تبيع مصر خيارها وسيادتها وكرامتها وقرارها السياسي، وهو يتوقع منها، أن تبيعه بملياري دولار من هنا وأربعة من هنا وما شاكل؟
الذين وقفوا إلى جانب حسني مبارك حتى آخر لحظة ها هم اليوم يتدخلون ليصادروا دماء المصريين وصرخات المصريين وتضحيات المصريين وهكذا في البلدان الأخرى.
الإنسان يشعر بالخزي والعار عندما يقف مثل نتنياهو قاتل الأطفال في فلسطين ليتحدث عن الشباب العربي، عن الثورات العربية، وليوجه إهانة إلى كل هذه الأمة، إلى كل حكومات هذه الأمة.
"معليش خليني فش خلقي". أمس لو أن الرئيس أحمدي نجاد في إيران أو أحد من المسؤولين الإيرانيين قال كلمة بحق الحكومات العربية، كنتم اليوم وجدتم الإعلام العربي والفضائيات العربية وجامعة الدول العربية والحكومات العربية قامت قيامتها، يا غيرة الدين، إيران عدو، وهناك اجتياح إيراني للعالم العربي.
أمس نتنياهو في الكونغرس وقف، كل الأمريكان يصفقون له، وجه إهانة إلى كل الملوك والأمراء والحكام والحكومات والأنظمة العربية دفعة واحدة، بل وجه إهانة إلى كل الشباب العربي وإلى كل الشعوب العربية، عندما قال إن هناك 300 مليون عربي لا ينعمون لا بالحرية ولا بالكرامة ولا بالديمقراطية ولا بأي شيء. هذا الدجال الكبير، ماذا يتبين معه، أن هناك فقط مليون عربي موجودين بما سماه إسرائيل ينعمون بالحرية والديمقراطية فقط.
كلا يا سيد نتنياهو. بقية العرب لا يريدون أن يجيبوك "يصطفلوا": نحن في لبنان أحرار هذا العالم، نحن في لبنان صنعنا حريتنا بالدم وانتصرنا على سيفك وسيف أسيادك الأمريكيين، ونحن جزء من الأمة العربية، جزء من الشعوب العربية، وجزء من الشباب العربي.
أمريكا اليوم تأتي لتصادر هذه الثورات. يجب أن ينتبه أهل هذه الثورات، يجب أن لا يحسنوا الظن بالأمريكيين، يجب أن لا يثقوا بوعود الأمريكيين، يجب أن يعرفوا أن أمريكا لا يهمّها إلا مصالحها.
ولو كان السيد أوباما صادقاً فيما يدّعيه من احترامه لإرادة الشعوب ومن دعوته الحكام إلى احترام شعوبهم، يجب أن يبدأ من نفسه ويحترم إرادة شعوبنا العربية والإسلامية، إذا كان صادقاً فيما يدعيه، ما هي إرادة الشعب العراقي اليوم؟ إرادته بالإجماع أو شبه الإجماع أن قوات الاحتلال الأمريكي يجب أن تخرج من العراق، لكي تحترم إرادة الشعب العراقي اخرج (يا أوباما) ولا تضغط على الحكومة العراقية والقوى السياسية العراقية لتبقى في العراق محتلا بأسماء حضارية. أي إنه يريد في سفارته في بغداد 7000 وأن يحميها بـ 12000، ويريد في كل محافظة قنصلية ويحميها ألف، أي أنه يريد أن يبقي حوالي خمسين ألف جندي تحت عنوان سفارة وقنصليات. إن كنت تحترم إرادة الشعب العراقي أخرج من العراق، تحترم إرادة الشعب الأفغاني أخرج من أفغانستان، وتحترم إرادة الشعوب العربية أنظر ما تريد الشعوب العربية في فلسطين. كفانا خداعاً وتضليلاً وكذباً وتزويراً ومكياجاً خادعاً.
الأمريكيون يعرفون موقعهم لدى شعوب العالم العربي. كل استطلاعات الرأي العام في العالم العربي تؤكد هذا المعنى.
في ختام هذا المقطع أريد أن أقول لشعوبنا العربية الثائرة: احذروا من السياسات الأمريكية والإدارة الأمريكية، ولا يجوز أن تلجئكم الأهداف ولا الحاجات لأن تلقوا بأنفسكم في أحضان الأمريكيين من جديد. إذا كنتم تريدون أن ترجعوا إلى عند الأمريكان أبقوا حيث انتم.
في الوضع السوري
موقفنا من الوضع في سوريا وما يجري في سوريا.. أنا سأكون صريحاً فيه وواضحاً جداً لأن الموقف يتطلب مسؤولية واضحة ومحددة وكبيرة.
موقفنا الذي سأقوله بعد قليل (وهو ليس مفاجئاً طبعاً) ينطلق من مجموعة عناصر، ولماذا بنينا هذا الموقف:
العنصر الأول: إننا في لبنان نملك ـ خصوصا في حزب الله ـ تقديراً عالياً لسوريا، لقيادتها، للرئيس حافظ الأسد وللرئيس بشار الأسد، للشعب السوري المقاوم والممانع والصابر والذي يتحمل خلال عقود طويلة تبعات الموقف القومي للقيادة السورية، وللجيش السوري الذي قدم تضحيات جسيمة في هذا الطريق.
سوريا في لبنان قدمت الكثير. سوريا منعت التقسيم. للذين يعودون إلى الأعوام 1975- 1976-1977-1978 ومخاطر التقسيم الكبرى على لبنان والمنطقة.
سوريا ساعدت بقوة في الحفاظ على وحدة لبنان. سوريا أوقفت الحرب الأهلية الدموية التي كادت تقضي على لبنان وعلى شعب لبنان. سوريا ساعدت لبنان ودعمت مقاومته فكان التحرير عام 1985 في الجبل وبيروت، صيدا وصور والبقاع الغربي والنبطية، وصولاً إلى 25 أيار عام2000 وتحرير كامل الشريط الحدودي باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وصولا إلى الصمود والانتصار المعجزة في حرب تموز. لا يمكن أن ننسى كيف احتضنت سوريا لبنان ومقاومة لبنان والشعب اللبناني الذي هُجر إلى سوريا، احتضنتنا نظاماً وجيشاً وشعباً وأهلاً وبيوتا. ولذلك نحن عندما نقلق على سوريا نقلق على نظامها ونقلق على شعبها. لا نقلق على النظام فقط، نقلق لما يُعد لنظامها وعما يُعد لشعبها.
لا أحد ينكر أن سوريا ارتكبت أخطاءً في لبنان. هذا قاله الرئيس الأسد في مجلس الشعب، لكن ما أنجزته سوريا في لبنان كان تاريخياً ومصيرياً على المستوى الوطني.
هذا أولاً، وثانياً موقف سوريا من إسرائيل، من المقاومة الفلسطينية، من القضية الفلسطينية، صمود سوريا بالرغم من كل الضغوط، بعد مؤتمر مدريد، بعد بدء وانطلاق عملية التسوية، صمودها أمام التهويل، صمودها أمام الإغراءات.
ثالثاً: موقف سوريا من مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي أسقطته المقاومة في لبنان من بوابته الشرقية، والآن تعود أميركا وإسرائيل لإدخاله من بوابات أخرى.
إذن، نحن أمام بلد مقاوم وممانع، نظامه، قيادته، جيشه، وشعبه.
هذه نقطة مركزية، وأيضاً من جملة النقاط الأساسية التي ننطلق منها بالموقف أن القيادة السورية مقتنعة مع شعبها بلزوم الإصلاح ومحاربة الفساد وفتح آفاق جديدة في الحياة السياسية السورية. ونحن نعتقد ـ وأنا شخصيا اعتقد، ليس بناءً على تحليل وإنما بناءً على مناقشات واستماع مباشر ـ أن الرئيس بشار الأسد مؤمن بالإصلاح وجاد ومصمم، بل أنا أعرف أكثر من ذلك، أنه مستعد للذهاب إلى خطوات إصلاحية كبيرة جداً، ولكن بالهدوء وبالتأني وبالمسؤولية. هذا عنصر يؤثر على موقفنا.
مرة (هناك) نظام مقفّل. في البحرين النظام "كان مقفّل" ومبارك "كان مقفّل"، القذافي "مقفّل"، زين العابدين بن علي "مقفّل". في سوريا النظام "مش مقفّل". بالعكس يقول أنا جاهز وأنا مقتنع، وأنا أضيف أنه جاد ويريد.
عنصر آخر، أن كل المعطيات والمعلومات حتى الآن، ولا أقف عند الذي يُحكى على الفضائيات العربية، ما زالت تؤكد أن الأغلبية من الشعب السوري ما زالت تؤيد هذا النظام وتؤمن بالرئيس بشار الأسد وتراهن على خطواته بالإصلاح. طيّب، أين الشعب السوري؟ دعونا نعرف لنقف إلى جانبه.
من العناصر أيضاً المكوّنة لموقفنا أن إسقاط النظام في سوريا مصلحة أميركية وإسرائيلية، يعني إسقاط النظام واستبداله بنظام على شاكلة الأنظمة العربية المعتدلة الحاضرة لتوقيع أي سلام، أي استسلام مع إسرائيل.
من العناصر المكونة لموقفنا: سوريا وما تعنيه للبنان. ما يجري عنده وانعكاساته على لبنان، النتيجة هو انعكاسه على لبنان وعلى المنطقة ككل.
من جملة العناصر المكونة لموقفنا هي التزامات لبنان تجاه سوريا انطلاقا من اتفاق الطائف وصولا إلى المصالح المشتركة.
كل هذه المسائل والحيثيات والعناصر برأينا تفرض علينا كلبنانيين عموماً ـ الآن اللبنانيون يقبلون أم لا، هذا شأنهم، نحن نقول وجهة نظرنا ـ وتفرض علينا كحركة مقاومة في مواجهة إسرائيل خصوصاً موقفاً مسؤولاً وكبيراً يقتضي ما يلي:
أولاً: أن نكون جميعاً حريصين على أمن واستقرار وسلامة سوريا نظاماً وشعباً وجيشاً.
ثانياً: أن ندعو السوريين، واليوم ندعوهم، إلى الحفاظ على بلدهم وإلى الحفاظ على نظامهم المقاوم والممانع، وأن يعطوا المجال للقيادة السورية وبالتعاون مع كل فئات شعبها لتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وأن يختاروا طريق الحوار وليس الصدام.