بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
﴿إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾
تمرُّ علينا في هذه الأيّامِ الأليمةِ ذكرى استشهادِ الإمامِ العظيمِ، سيِّدِنا ومولانا محمَّد بنِ عليٍّ الباقرِ (عليهِ السَّلامُ)، في السابعِ من شهرِ ذي الحجّةِ الحرامِ، وهي من المآسي التي تطعنُ وجدانَ المؤمن، وتجددُ في القلبِ لوعةَ الفقدِ على أئمّةِ الهدى، الذين أذهبَ اللهُ عنهمُ الرجسَ وطهَّرهم تطهيرًا.
لقد لُقّب الإمامُ بلقبِ "الباقر"، وهو لقبٌ خصَّه بهِ رسولُ اللهِ (صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ)، كما في الروايةِ المعروفةِ عن جابرِ بنِ عبدِ الله الأنصاري، حيث قال لهُ النبيُّ (صلى اللهُ عليهِ وآله):
«يا جابر، إنّك ستبقى حتى تلقى ولداً لي من الحسين، اسمه اسمي، يبقر العلم بقرًا، فإذا لقيته فأقرئه منّي السلام».
لقد كان الإمامُ (عليهِ السَّلامُ) كما وُصف: باقرَ العلمِ، وجامعَه، وشارحَه، وناشرَه، إذ بزغَ في مرحلةٍ اتّسعَت فيها الفتنُ، وتكاثرت البدعُ، وانحرفت المساراتُ الدينيّةُ والعقائديّة، فنهضَ الإمامُ بجهدٍ علميٍّ واسعٍ، ملأ بهِ الآفاقَ نورًا، وعقدَ مئاتِ المناظراتِ، وقادَ مشروعًا فكريًّا وعقائديًّا ساهمَ في بلورةِ الهويّةِ الإسلاميّةِ الصافيةِ، وأسَّس لما أصبح لاحقًا مدرسةَ أهلِ البيتِ (عليهمُ السَّلامُ) التي ازدهرت في زمنِ ولده الإمامِ جعفرِ الصادقِ (عليهِ السَّلامُ).
وقد عُرِف عن الإمامِ كرمُه، وسخاؤهُ، ووصلهُ لإخوانِه، وكان يقول:
«ما حسنةُ الدنيا إلا صلةُ الإخوانِ والمعارف»،
فيُطعمُ، ويكسو، ويمنحُ الدراهمَ بسخاءٍ، مع كثرةِ عيالِه، وتوسّطِ حالِه.
وإذ نستحضرُ هذه الذكرى المؤلمةَ، فإنّنا في مجلسِ التعبئةِ الثقافيَّةِ، نعزّي مولانا صاحبَ العصرِ والزمانِ (عجّل اللهُ فرَجَهُ الشريف)، ونجدِّدُ العهدَ بالتمسّكِ بخطِّ أئمّةِ الهدى، والسيرِ على دربهم، وإحياءِ ذكرِهم، ونشرِ علومِهم، والذبِّ عنهم بكلّ الوسائلِ المشروعة.
فسلامٌ عليكَ يا أبا جعفرٍ يومَ وُلِدت، ويومَ استُشهِدت، ويومَ تُبعثُ حيًّا، ورحمةُ اللهِ وبركاتهُ.
ولا حولَ ولا قوّةَ إلا باللهِ العليِّ العظيمِ.
كتائب حزب الله
مجلس التعبئة الثقافية
2 حزيران 2025 ميلادية
6 ذي الحجة 1446 هجرية
