بعد فشل مشروعها التقسيمي في العراق وسوريا على يد فصائل المقاومة والحشد الشعبي والقوات الامنية، لا تزال امريكا مُصرة على اساليبها الخبيثة في دعم الجماعات الاجرامية، لتدمير الانسان والاوطان، وعلى الرغم من تشدقها بمحاربة الارهاب الا ان الوقائع تثبت تورطها يوميا بالإجرام وتحريك وحماية ادواته في المنطقة.
كشفت شبكة "BBC"، امس الاثنين تفاصيل جديدة عن احدى الجرائم الامريكية البريطانية والتي جرت بين ما يسمى قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي الذي تتزعمه امريكا لتهريب مئات من مرتزقة كيان داعش الاجرامي وعائلاتهم من الرقة.
وضمّت القافلة قيادات داعشية بارزة والعشرات من المرتزقة الذين نجحوا بالانتشار في سوريا، فيما تمكن البعض الاخر من الوصول الى تركيا.
وتحت عنوان "سر الرقة القذر"، روى الموقع البريطاني، قصة سائق الشاحنة المدعو أبو فوزي، الذي اعتقد أنه سيقوم بعمله كالمعتاد، أي نقل البضائع، فيما كانت المهمة مختلفة هذه المرة، كون قوات سوريا الديمقراطية أرادت منه نقل مئات العائلات النازحة، جراء القتال في بلدة الطبقة إلى مخيم شمال البلاد.
توقع السائق أن "الرحلة ستأخذ ست ساعات كحد أقصى، وهو ما قيل له ولزملائه سائقي الشاحنات، في 12 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ولكن اتضح فيما بعد أنّ الرحلة ستستغرق 3 أيام من القيادة الشاقة، مع الإشارة إلى الحمولة (مئات من عائلات داعش وأسلحة وذخيرة).
أبو فوزي وغيره من السائقين وُعدوا بالحصول على آلاف الدولارات مقابل اتمام المهمة، ولكن يجب إبقاؤها سرية.
في حينها، لم يشأ ما يسمى التحالف الدولي بقيادة واشنطن وبريطانيا، وأيضا قوات سوريا الديمقراطية، الاعتراف بأنهم جزء من الاتفاقية، لذلك اعتمدوا على مسؤولين محليين لترتيب اتفاق تهريب مجرمي داعش من الرقة.
وأضاف ابو فوزي أن "عناصر داعش فخخوا شاحناتنا"، لافتاً إلى "أنهم كانوا سيقومون بتفجيرها في حال الإخلال بالصفقة".
أحد السائقين يقول أن "قوات سوريا الديمقراطية زعمت ان العملية تنص على إخراج بضع عشرات من المقاتلين السوريين، لكن الحقيقة كانت مغايرة لذلك".
واستدرك بالقول: "عندما دخلنا الرقة اعتقدنا أننا سنحمل معنا 200 شخصاً، ولكن كان هناك 112 شخصا فقط داخل شاحنتي وقد نقلنا نحو 4000 شخص بينهم نساء أطفال. ".
ووصل طول القافلة إلى 6 أو 7 كيلومترات، وتضمنت 50 شاحنة و13 حافلة، إضافة إلى أكثر من 100 مركبة لعصابات داعش الاجرامية.
وكشف السائق عن "وجود عدد كبير من المرتزقة الأجانب الذي يحملون جنسيات (فرنسا، تركيا، أذربيجان، باكستان، اليمن، السعودية، الصين، تونس، مصر...)".
وفي ضوء التحقيق الذي تجريه الـ"بي بي سي"، اعترف ما يسمى بالتحالف الآن بالجزء الذي لعبه في الصفقة، إذ تم السماح لـ 250 عنصراً من داعش بالخروج من الرقة مع 3500 فرداً من عائلاتهم.
بدوره قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق الدكتور بسام أبو عبد الله تعليقا على تلك الصفقة الخبيثة ان " العصابات الاجرامية هي صناعة استخباراتية غربية خليجية"، مبينا ان" داعش تعمل وفقا لما تريده امريكا، لذلك فان ما يسمى قوات التحالف قدمت دعما جويا للمجرمين في أكثر من قاطع عمليات".
واضاف ان " تهريب داعش من الرقه كان هدفه تفريغ المنطقة الشمالية وتركيز الهجوم العصابات التكفيرية على مدينة دير الزور، فضلا عن نقل عناصر داعش باتجاه المنطقة الصحراوية أو الحدودية الممتدة بين سوريا والعراق لإبقائها قلقة".
وتابع ان " ما تسمى قوات الحماية الكردية قامت بفتح ممرات من مناطق الرقة لخروج إرهابيي داعش باتجاه دير الزور وصحراء تدمر لعرقلة تقدم الجيش السوري والحلفاء حتى لا يصلوا إلى الحدود مع العراق".
اما المحلل السياسي الروسي أندريه أونتيكوف فقد اكد إن "ما نشاهده اليوم هو توافق بين الأكراد والأمريكان وعصابات داعش من أجل محاربة الجيش السوري ومنعه من التقدم الى المناطق الشرقية وإلى دير الزور والرقة".
صفقة الرقة القذرة تؤكد بما لا يقبل الشك إن الولايات المتحدة لا تريد التخلص -كما تدعي- من "داعش" وهي التي صنعته ورعته ودعمته، بل تسعى لتصديره إلى مناطق أخرى في سوريا وأيضا إلى دول أخرى وربما تحت تسمية أخرى، كما فعلت بتنظيم "القاعدة" الذي صنعته واستخدمته في محاربة الاتحاد السوفييتي في أفغانستان ومن ثم استخدمت عناصره في مناطق أخرى من العالم لتحقيق أهدافها بما يخدم مصالحها وايجاد مبررا للهيمنة على مقدرات الشعوب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول تحت عنوان "محاربة الإرهاب".