بسم الله الرحمن الرحيم
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ"
صَدَقَ اللهُ العليُّ العظيمُ
تَمُرُّ القضيةُ الفَلَسطينيَّةُ اليومَ بِمُنعَطَفٍ تَارِيخيٍّ خَطيرٍ غَيرِ مسبوقٍ، فَقَد تَكَالَبَتِ الصُّهيونيةُ العالميةُ على الشَّعبِ الفَلَسطِينيِّ تَدعَمُها قِوَى الاستكبارِ، وأنظمةُ الحكمِ العربيّةِ الخائِنَةِ، متآمرةً على وجودِهِ وحقوقِهِ التاريخيّةِ في أرضِهِ ومُقدَّساتِهِ؛ عن طريقِ مَا يُسمَّى بـ "صَفقَةِ القَرنِ" المشؤومةِ التي ستَفرِضُ على الشعبِ الفَلَسطينيِّ التَّنازُلَ عَن قضيَّتِهِ التي ضَحَّى مِن أجلِها طِيلَةَ العُقُودِ الماضِيةِ، وقَدَّمَ في سبيلِهَا آلافَ الشهداءِ والجرحى، وتعرَّضَ إلى أقسى أنواعِ القتلِ، والتَّهجيرِ، والسَّجنِ، ومُصادَرَةِ الأَرَاضِي، والحرمانِ من العودَةِ، والحقّ في العيشِ في وطنِهِ حُرّاً كريماً عزيزاً.
إن أقسَى ما يشعرُ بِهِ الشَّعبُ الفَلسطينيُّ اليومَ هُو تَبَنِّي الحكامِ العربِ لهذِهِ الصفقةِ، والعملِ عَلَى تسويقِهَا، والتَّرويجِ لها، وَتَبَنِّي أخطرَ حلقاتِ تنفيذِها؛ خدمةً لِلكَيَانِ الغاصِب؛ لأن دورَهُم باتَ يُشكِّلُ خُطُورةً أكبرَ من المُحتلِّينَ الصَهَاينةِ ؛ بل إنَّهُم أصبَحُوا سَبَباً في استمرار الكيانِ في الوُجُودِ؛ ولَولَا دعمُهُم لَمَا تَمَكَّنَ مِن البَقَاءِ.
إن ممالكَ الخليجِ وَمَحمِيَّاتَهُ التي تلطَّخت أيدِي حُكَّامِها بِدِماءِ الفَلَسطِينيِّينَ، والتآمرِ على قضيّةِ العربِ والمسلمينَ الأولى، وَتَجرَّأت على احتضانِ مُؤتمراتِ تَصفِيَتِها، إنّما تَحرُقُ مُلكَهَا بِعَارِهَا، وتحفُرُ قَبرَهَا بِيَدِهَا، واقتَرَبَ اليومُ الذي تنهارُ فيهِ عُرُوشُهَا بعدَ أن رَبَطَت مَصيرَهَا بِمصيرِ الكَيَانِ الصَهيونِيِّ، وتقفُ مملكةُ الشرِّ الوهابيّةُ السعوديّةُ عَلَى رأسِ عَرّابِي صَفقةِ بيعِ التُّرابِ الفلسطينيِّ، مُستكملةً دورَها التَّآمُريِّ على الأمّةِ الإسلاميةِ، مِمّا يَستدعِي موقفًا يقطعُ دابِرَ هذه المملكةِ، ويُزيلُهَا من قواعِدِها الخاوِيةِ، وهو حقٌّ للشعوبِ التي اكْتَوَت بِنَار مُؤامَرَاتِها، وجرائِمِ عِصَاباتِها التكفيريةِ المجرمةِ، وهي التي ستجدُ نفسَها مُرغَمةً على توجيهِ بنادِقِها نحوَ مَن يقِفُ في صفِّ أعدائِها، فلا يُمكنُ الدفاعُ عن القضيّةِ الفَلَسطينيّةِ ومواجهةُ الكيانِ الصهيونيِّ الغاصِبِ من دونِ إزالةِ حكمِ آل سَلُولٍ، وتقويضِ ممالِكِ الخليجِ، ذيولَ امريكا وأدواتَهَا.
وفي الوقتِ الذي نستنكرُ فيه، ونُدينُ اجتماعَ المتآمِرِينَ في المَنَامةِ، فإنّنا نقفُ الى جانِبِ شعبِنَا الفلسطينيِّ المظلومِ وقضيَّتِهِ المقدَّسةِ، داعِمِينَ ومُسانِدِينَ لِمُقاوَمتِهِ المشروعَةِ وانتفاضَتِهِ التي ستقوِّضُ كلَّ صفقاتِ الذل، واتفاقيّات الاستسلامِ، ولَن يُترَكَ في مِحنَتِهِ بُمفرَدِهِ؛ ثُمَّ إن الواجبَ الشرعيَّ يتطلّبُ من الشُّعوبِ الإسلاميّةِ موقفاً شجاعاً في التصدّي لمؤامراتِ حُكّامِ الخليجِ، وتواطُئِهِم مع الكيانِ الصهيونيِّ، فالتاريخُ لن يرحَمَ مَن باعَ المقدَّساتِ أو تَخَاذَلَ عَن الدفاعِ عنها.
إننا إذ نتطلّعُ إلى اليومِ الذي نحررُ فيه قبلةَ المسلمينَ الأولى، وثالثَ الحرمينِ، ومسرى الرسولِ الأعظمِ ومعراجَه، ونعدّ له العُدّةَ كما أمرنا اللهُ سبحانه وتعالى، لن نتردّدَ في التصدّي للمتآمرينَ والخونَةِ كما نتصدّى للمستكبرينَ المحتلينَ والغاصبينَ، وسيأتي ذلك اليوم الذي لا ريبَ فيه، وسترفعُ حينها راياتُ الإسلامِ في القدسِ الشريفِ، ومكّةَ المكرمةِ والمدينةِ المنورةِ بعد تطهيرها من الأرجاسِ.
"إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا، وَنَرَاهُ قَرِيبًا".