بسم الله الرحمن الرحيم
يَمُرُّ العراقُ بمنعطفٍ تاريخيّ خطيرٍ بعدَ الجرائمِ التي ارتكبَتها القواتُ الأمريكيّة في القائمِ والمطارِ، والتي شكّلت خرقاً فاضحاً للسيادةِ العراقيةِ، وإهانةً للشعبِ العراقيّ وكرامتِه التي لا يمكنُ السكوتُ عليها.
إن استهدافَ مُجاهدِينا المقاتلينَ المدافعينَ عن حدودِنا جريمةً كانت لوحدها كافيةً لتبنّي الحكومةِ والبرلمانِ موقفاً صارماً من تَواجدِ القواتِ الأمريكيّة في العراقِ، والمطالبةِ بإخراجها، فكيفَ بها وقد ارتكبتْ بأوامرَ من أعلى سلطةٍ أمريكيةٍ جريمةً كبرى؟! تعدّت فيها كلَّ ما يُعدُّ خطاً أحمرَ في التعاملِ بينَ الدولِ، وكشفت فيها عن وجهها القبيحِ المعادي للشعوبِ، وأسفرت عن أهدافها الشيطانيّة في إعادةِ احتلالِ العراقِ والهيمنةِ عليه، وذلك عندما ارتكبت جريمةَ استهدافِ القائد أبو مهدي المهندس، ذلك المجاهد الذي صُبغَت لحيتُهُ الشريفةُ بترابِ أرضنا المقدّسة بعدَ أن أدّى دوراً بارزاً ومُشرفاً في تحريرِها، وضيّف العراقُ المستشارَ ولواءَ الإسلامِ العظيمِ القائدَ الشهيدَ قاسم سليمانيّ الذي طالَمَا شهدتْ له ساحاتُ القتالِ حضوراً ميدانيّاً فاعلاً، ومؤازراً لأبناءِ العراقِ في الدفاعِ عن بلدِهم، وله دَينٌ في أعناقِ شعبِنا؛ بعُربِهِ وأكرادِهِ، وتركمانِهِ، وشَبَكِه، ومسيحيّيه، وأيزيدييه؛ فضلاً عن سُنّتهِ وشيعتِه، وقد شَهِدَ له الجميعُ بدورِهِ الكبيرِ في تحريرِ العراقِ من دنسِ عصاباتِ داعشَ الاجراميّة.
وﻻ شكّ في أن هذهِ الجرائمَ المنكرةَ التي ارتكبتْها القواتُ الأمريكيّةُ تُلقِي على مُمثلِي الشعبِ في مجلسِ النوابِّ مسؤوليةً كبيرةً بضرورةِ إقرارِ قانونِ إخراجِ القواتِ الأمريكيّةِ من العراقِ بعدَ هذهِ الجرائمِ، وإلغاءِ اتفاقيّةِ الإطارِ اﻻستراتيجيّ التي خرقَتْها أمريكا خرقاً سافراً، وضربتها عرضَ الجدارِ حتّى باتَت ملغيّةً بحكمِ الأمرِ الواقعِ.
إن شعبَنا الجريحَ المكلومَ يُصوِّبُ نظرَه يومَ غدٍ إلى ما ستُسفرُ عنه جلستُكم، مُتوسِّماً فيكم الشجاعةَ والغيرةَ، وكلّه أملٌ أن تكونَ هذه الجلسةُ انتفاضةً عراقيّةً لكرامَتِه ودماءِ أبنائه التي استباحَتها دولةُ الإرهابِ الأولى في العالم، وستكونُ هذه الجلسةُ فيصلاً في الحكمِ على القِوى السياسيّة والشخصياتِ التي ستكونُ مع شعبِ العراقِ ووحدتِه، وتصوّتُ لإخراجِ القوّاتِ الأمريكيّة الإرهابيّة؛ فتُسجّلُ في سجلّ الشرفاءِ والوطنيّين والأحرار، أو تلك التي تميلُ إلى مصالِحِها الضيّقةِ، وارتباطاتِها المشبوهةِ، وتوجهاتها القوميّة، او الطائفيّة، او الفئوية، وتعمدُ إلى الإخلالِ بالجلسةِ، او بالتصويتِ بالضدّ مِن إرادةِ الشعبِ فتَكتبُ على نفسِها الخزيَ والعارَ، وتسجّلُ بمدادٍ أسودَ في سجلّ الخونةِ، وبائعي الضميرِ والشرفِ، ولن يقبلَ شعبُنا منها أيّ عذرٍ أو تبرير.
ونحنُ نعلمُ أن بعضَ القِوى الكرديّة تميلُ إلى جانبِ إبقاءِ هذه القوّاتِ لغاياتٍ تتعلّقُ بأحلامِ اﻻنفصالِ مع أن الجميعَ يعلمُ أن أمريكا ليست حليفاً مضموناً، وﻻ صديقاً موثوقاً، وﻻ يمكنُ الركونُ إلى تعهداتها، ثمّ إن بعضَ القِوى قد لا تُعطي هذا الأمرَ اهميةً، أو أولويّةً، فتتّخذُ مواقفَ بعيدةً عن الشعورِ بالمسؤوليّةِ.
إننا في هذه الأيامِ المفصليّةِ في تاريخِ العراقِ لن نتردّد في فضحِ الخونةِ والمتامرينَ على سيادَةِ وطنِنا، وسنحرمُهُم من دخولِ بغدادَ ونمنعُ التعاملَ معهم، ولن نسمحَ باستمرارِ مصالحِهم، فشعبُنا يرفضُ رفضاً قاطعاً أنصافَ الحلولِ؛ فإمّا أن تكونُوا في خندقِ الحقِّ والكرامةِ والحريّة، أو في خندقِ الباطلِ والخيانةِ والعبوديّةِ.
وسيعلمِ الذين ظَلمُوا أيّ مُنقلبٍ ينقلبونَ والعاقبةُ للمتّقينَ