بسم الله الرحمن الرحيم
بأخلص مشاعر الأسى والتفجع نشارك إمامنا المهدي المنتظر (عج) أحزانه، بحلول ذكرى شهادة والده الإمام الحسن بن علي العسكري (عليهما السلام)، ومراجع الدين، وعموم المؤمنين.
كانت ظروف إمامنا العسكري (عليه السلام) عصيبة جدا، فقد كانت محطات حياته مليئة بالتهجير القسري، والإقامة الجبرية، والرقابة الأمنية، حيث عاصر ثلاثة من أعنف حكام بني العباس، الذين بالغوا في إيذائه، والتضييق عليه، وسجنه، وكان في كل تلك الظروف ثابتا على مبادئه، مؤديا لواجبه في حفظ الشريعة من الضياع والتحريف، وتصحيح الانحرافات العقائدية والفكرية.
لم يدخر (عليه السلام) وسعا في كشف زيف وتضليل مشروع الحكومة العباسية، من خلال بيان ركائز مشروع مدرسة الإمامة الإلهية المتمثلة بأئمة الهدى (عليهم السلام)، وارتباطهم برسول الله الذي لاينطق عن الهوى.
لقد قام الإمام العسكري بأداء أصعب التكاليف وأعقدها، وهو المتمثل بالمحافظة على حياة الإمام المهدي الموعود، الذي تتعقبه السلطة لتقتله من جهة، وتعريفه للإمة من خلال عرضه على الثقات من أصحابه لينقل ذلك إلى شيعته من جهة أخرى، وهذا الأمر لايمكن الوقوف على تعقيداته إلا بالاطلاع على الأجواء الأمنية الرهيبة التي كانت الحكومة العباسية تفرضها، بحيث صدرت الأوامر بالكشف على بطون النساء لمعرفة الحامل منهن، ليكون مصير ذلك الجنين القتل وقد فعلوا ذلك في بيت الإمام العسكري.
لقد مارس الإمام العسكري (عليه السلام) الغيبة عن أتباعه، ليدربهم عمليا على قبول فكرة غيبة الإمام عن شيعته، وليتعاملوا مع تجربة جديدة في الرجوع إلى الوكلاء الثقات، الذين كلفهم بربط الناس به، وقضاء حوائجهم.
لقد رسم الإمام العسكري معالم المشروع الديني والسياسي للمؤمنين من بعد غيبة الإمام المهدي، بتنصيب العلماء العدول نوابا للأئمة في هذه المراحل المهمة من حياة الأمة، والإلزام بالالتفاف حولهم، وأخذ أحكام الدين عنهم، وهذا المنهج هو الذي حفظ الجماعة الصالحة من الضياع والضلال حتى يومنا هذا.
فلابد للأمة أن تستحضر جهاد هذا الإمام المقاوم الشهيد في مشهد صراعاتها المعاصرة، وتكون حاضرة في معركة الحفاظ على القيم والكرامة مع القوى الاستكبارية التي تحاول بكل وسائلها تغيير المفاهيم، واستضعاف المسلمين، والسيطرة على بلدانهم وثرواتهم، وتبديل مبادئهم الحقة، وتفرض عليهم التنازل عنها.
كتائب حزب الله
مجلس التعبئة الثقافية
٧ ربيع الاول ١٤٤٥ هـ
23 ايلول 2023 مـ