قال السيد حسن نصر الله في كلمة لسماحته بمناسبة يوم القدس العالمي : بالرغم من التفجيرات التي تجتاح المدن العراقية، وأحيانا للأسف الشديد على أساس طائفي ومذهبي ويسقط المئات من الشهداء والمئات من الجرحى، يخرج العراقيون في يوم القدس ليقولوا إن فلسطين وإن القدس هي قضيتنا المركزية. واضاف سماحة الامين العام لحزب الله اللبناني : وهكذا عندما نذهب إلى ساحات أخرى، رسالة اليوم الأساسية للعدو الإسرائيلي: لا تفرحوا ولا تراهنوا على كل ما يجري في عالمنا العربي والإسلامي من انقسامات، وإن كان الأمر محزناً ومخيفاً ومقلقاً، لكن فيما يتعلق بفلسطين، فيما يتعلق بالقدس، أيا تكن الانقسامات أو التوترات أو الاتهامات أو المشاحنات، فهي لم تغيّر شيئاً. وهذا نص كلمة سماحته أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبة الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.. نلتقي مجدداً في ذكرى عزيزة، في يوم القدس التي كان قد أعلنه الإمام الخميني (قدس) يوماً عالمياً، عندما اختار آخر يوم جمعة من يوم شهر رمضان المبارك يوماً عالمياً للقدس. في كل السنوات الماضية كنا نتحدث عن حكمة هذا الاختيار لهذا الزمان لهذا اليوم ـ يوم الجمعة ـ الذي هو أفضل الأيام في شهر رمضان، شهر رمضان الذي أيامه أفضل الأيام على مدار السنة، شهر رمضان، شهر الصيام والقيام والتوبة والإنابة وجهاد النفس وبناء الذات وتصحيح المسار، يتخذه الإمام الخميني يوماً للقدس، في إشارة واضحة على أن كل هذا الناتج الإيماني والجهادي الرمضاني يجب أن يذهب ويتمركز في هذا الاتجاه وفي اتجاه القضية المركزية للأمة في هذا العصر وفي هذا الزمن وهي قضية فلسطين وقضية القدس. عاماً بعد عام تتأكد الحكمة البالغة في اختيار الإمام هذا اليوم يوماً عالمياً للقدس، أصلا في اختيار يوم عالمي للقدس. الأحداث والتطورات خلال هذا العام، يعني منذ سنة، سواء على السنة الميلادية أو الهجرية أو من شهر رمضان إلى شهر رمضان من عام مقبل، في كل بلاد المسلمين، لدى كل الشعوب من الهموم، من المشاكل، من الاستحقاقات، من التحديات، ما يشغلها عن القدس وفلسطين. هذا واقع، شئنا أم أبينا، اليوم نشهد هذا الواقع، ونشهده منذ عشرات السنين. هذا يؤكد أننا نحتاج في كل سنة وخصوصاً في شهر رمضان، شهر التأمل والتفكر والتدبر والمحاسبة والعودة إلى الذات والإنابة إلى الله، أن نعود إلى فلسطين، نعود إلى القدس، نعود إلى هذه القضية المركزية، أن نعود أولاً لنذكّر أنفسنا وأمّتنا بالثوابت، لنذكّر بالمسؤوليات الدينية والشرعية والأخلاقية والإنسانية تجاه القدس والمقدسات وفلسطين وشعبها، ولنؤكد على هذه الثوابت رغم الهموم والمشاكل والتحديات والأخطار والانقسامات والتعبئة النفسية والخاطئة في أكثر من بلد وفي أكثر من ساحة، لنقول للعالم والعدو في الدرجة الأولي كما قال الإمام الخامنئي في الأمس أن مسألة فلسطين، مسألة القدس، هي مسألة دينية وعقائدية، هي مسألة إيمانية بالنسبة لنا جميعا. الاختلافات السياسية والانقسامات السياسية والمشاحنات السياسية والبغضاء والعداوات السياسية لا يمكن أن تؤثر على أساس الموقف تجاه فلسطين والقدس وشعب فلسطين، وأنتم اليوم تلاحظون أنه حتى في أكثر من بلد عربي، مثلاً لو أخذنا البحرين اليوم التي تعاني منذ أكثر من سنة من ظلم واضطهاد ومن غربة ومن تخلي العالم العربي والإسلامي عنها حتى أنها لم يكن لها مكان في القمة الإسلامية الإستثنائية ،لم يحبطها كل هذا الواقع العربي والإسلامي تجاهها وتجاه شعبها، بل خرجت اليوم لتحيي يوم القدس، لتؤكد أن مسألة القدس بالنسبة إلينا جميعا هي مسألة دينية. في العراق أيضاً، بالرغم من التفجيرات التي تجتاح المدن العراقية، وأحيانا للأسف الشديد على أساس طائفي ومذهبي ويسقط المئات من الشهداء والمئات من الجرحى، يخرج العراقيون في يوم القدس ليقولوا إن فلسطين وإن القدس هي قضيتنا المركزية. وهكذا عندما نذهب إلى ساحات أخرى، رسالة اليوم الأساسية للعدو الإسرائيلي: لا تفرحوا ولا تراهنوا على كل ما يجري في عالمنا العربي والإسلامي من انقسامات، وإن كان الأمر محزناً ومخيفاً ومقلقاً، لكن فيما يتعلق بفلسطين، فيما يتعلق بالقدس، أيا تكن الانقسامات أو التوترات أو الاتهامات أو المشاحنات، فهي لم تغيّر شيئاً. بالنسبة إلينا في لبنان، بالنسبة لحزب الله، بالنسبة لجمهور المقاومة في لبنان، وبالرغم من كل ما يجري عندنا في لبنان، وحولنا في المنطقة، نحن أيضاً في يوم القدس، في يوم الإمام الخميني( قدس)، نود أن نؤكد للعدو وللصديق وللعالم كله أن مسألة فلسطين والقدس وشعب فلسطين والصراع مع العدو الإسرائيلي هي مسألة فوق كل هذه الحسابات وكل هذه الحساسيات وكل هذه الخصومات لأنها بالنسبة إلينا هي مسألة دين وعقيدة وإيمان وآخرة والتزام إنساني وأخلاقي، وإيماننا والتزامنا بها لا يمكن أن يتزعزع لحظة واحدة على الإطلاق. يوم القدس أيضاً هو فرصة للعودة للبحث الأساسي والإستراتيجي التي يرتبط بمستقبل فلسطين والقدس والمنطقة، وبالتالي مستقبلنا وبالتالي مستقبل الجميع، لأن الحادث الخطير الذي رسم معالم المنطقة منذ أكثر من ستين عاماً وما زال يرسم معالم المنطقة هو احتلال الصهاينة لفلسطين والحروب التي شُنّت على الدول العربية والشعوب العربية، وما زلنا وما زالت أجيالنا وشعوبنا وأمتنا تعيش تداعيات تلك الحادثة المأساوية وهي حادثة احتلال فلسطين واحتلال بيت المقدس. اليوم لا يمكن أن نتصور مستقبلاً للقدس بمعزل عن مستقبل ما يسمى بإسرائيل، لا يمكن أن نتحدث عن قدس تعود إلى الأمة أو إلى شعب فلسطين في ظل إسرائيل قوية، بل لا يمكن الحديث عن مستقبل للقدس في ظل \"إسرائيل موجودة\"، لأن القدس بالنسبة لإسرائيل هي نقطة الإجماع الإسرائيلي، يمين ويسار، ومتدينين وعلمانيين، وأشكناز وسفرديم، كل هذه التفاصيل والخلافات تنتهي عندما تصل إلى القدس كما يجب أن يكون حال العرب والمسلمين،ولكن الأمر ليس كذلك عند العرب والمسلمين، أن كل الخلافات يجب أن تنتهي وتذوب عندما نصل إلى القدس. على كلّ، لدى الصهاينة إجماع أن القدس جزء من إسرائيل، أن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية، ولذلك مشروع تهويد القدس يسير على قدم وساق، وفي ظل إجماع إسرائيلي. عندما يقول نتنياهو قبل مدة، قبل أسابيع، إنني سأواصل البناء في مدينة القدس ولو وقف في وجهي كل العالم، فهو يستند إلى إجماع إسرائيلي متين وقوي على هذا الصعيد، هذا الإجماع الإسرائيلي الذي نفتقده في موضوعات حساسة أخرى والتي سأتحدث عنها بعد قليل، ولكن عندما يصل الموضوع إلى القدس وإلى بناء المستعمرات في القدس وإلى تهويد القدس وربما في يوم من الأيام إلى شطب المسجد الأقصى وكنيسة القيامة قد يستند أي إسرائيلي إلى إجماع إسرائيلي على هذا الصعيد، إستمرار بناء المستوطنات في القدس في داخلها ومن حولها وصولاً إلى إعادة إحياء بناء المستوطنات في الضفة الغربية، مصادرة الأراضي في القدس، قضم الأوقاف الإسلامية والمسيحية تدريجياً، تهديد دائم للمسجد الأقصى من خلال الحريات، مصادرة البيوت وهدمها، مصادرة الأراضي، تهديد دائم للبشر، من سكان القدس الأصليين من مسلمين ومسيحيين، وصولاً إلى الإفقار المتعمد، بحيث يصل المقدسي سواء كان مسلماً أو مسيحياً إلى وضع لا يستطيع من خلاله البقاء في القدس، لا يجد خبزاً ليأكل لا يجد عملاً ولا يجد مدرسة ليذهب اليها، فحينئذٍ يكون هناك الهجرة القسريّة، أنا أنقل لكم شاهداً من صحيفة \"هآرتس\" الاسرائيليّة التي قامت بإعداد تقرير تستند فيه إلى جمعية حقوق المواطن وتقول إن سكان القدس، شرقي القدس، يعني العرب، والذين يشكلون نحو 38 % من سكان المدينة وصلوا الى نقطة الدرك الأسفل في المدينة من ناحية معطيات الفقر والبطالة. يتضح من التقرير أنه في العام 2011 كان يعيش 84 % من الأطفال الفلسطينيين من سكان القدس تحت خط الفقر، يعني العائلات الفلسطينية، يعني ذلك أنه إذا كان الأطفال تحت خط الفقر فهذا يعني أن الأب والأم تحت خط الفقر، 84 % من سكان القدس من العرب المسلمين والمسيحين تحت خط الفقر، ويقول التقرير إن السبب المركزي هو البطالة، فمعدلات البطالة 40 % في أوساط الرجال و85 % في أوساط النساء الفلسطينيات. من أسباب الفقر أيضاً هو الجدار الفاصل، لأن الفلسطيني يمكن إذا لم يجد عملاً في القدس كان ممكناً له أن يعمل في الضفة، فهذا المقدسي لم يعد بإستطاعته أن يذهب الى الضفة، وأصبح مسجوناً داخل الجدران في القدس، وهذا يؤدي إلى هذا الواقع. حسناً، هذا هو واقع القدس، فيما العرب والمسلمون غارقون في مشاكلهم وصراعاتهم وإنقساماتهم والقدس تتهوّد وتضيع في كل يوم. سوف أعود إلى العرب في القمة السلامية الاستثنائية، حسناً، من هنا ندخل إلى موضوعنا، نريد أن نتكلم اليوم بموضوع إسرائيل، فلسطين، القدس، الوضع الاقليمي، لأننا عادةً في يوم القدس نتكلم في هذه المواضيع. في آخر الكلمة إن شاء الله، في عدد من الدقائق، أود أن أعلّق على الوضع المستجد أخيراً في لبنان، البيئة الاستراتيجية في إسرائيل ، هذا مهم لهم ومهم لنا، لأنه بالنهاية في أي دولة هناك بيئة إستراتيجية لتعيش فيها في وضع إقليمي ووضع دولي تصنّفه بالنسبة لها بالبيئة الاستراتيجيّة، وضعها الداخلي وإنعكاسه على وجودها، على مستقبلها، على بقائها، على قوّتها، على إستمرارها. للأسف الشديد إنّ عدونا لديه ميّزات، ميّزات جيّدة أحياناً، وهذا مؤسف، أنّ عدونا على هذه الحال، ونحن الذين نقول الذي يقوله الله سبحانه وتعالى عن هذه الامة أنها خير أمة أخرجت للناس، نحن كيف نتصرّف؟ من جملة هذه الميّزات أنه سنوياً، في الكيان الاسرائيلي، تقام مؤتمرات وبعضها مؤتمرات مشهورة وقديمة، موضوع المؤتمرات هو بحث الوضع الاستراتيجي لإسرائيل والبيئة الاستراتيجية، يتكلّمون بالتهديدات الداخلية والاقليمية والدوليّة، تهديدات بأنواعها المختلفة الأمنية والعسكرية والسياسية والاقتصادية والديموغرافية الخ ... يتكلمون عن الفرص المتاحة أمامهم، يتكلمون عن التهديدات وعن الفرص، ويقيّمون الوقائع ويتكلمون عن الخيارات ويقدّمون أفكاراً ومقتراحات تذهب بعد ذلك إلى مؤسساتهم بالكنيست وبالحكومة وبالمراكز الأخرى، ويتم وضع خطط وبرامج ويُعمل عليها لدى هذا العدو. طبعاً هذا الأمر في العالم العربي، بحدود معلوماتي أنا، غائب. يمكن كان يُعمل على بعض الأطر التي كانت تقوم بأمور مشابهة، بعض الأطر ذات البعد القومي، لكن عند الحكومات والدول والأنظمة والكثير من القوى السياسية، لا يوجد شيئ مشابه لهذا. اليوم أين نحن نجتمع لنقول: هذا هو الوضع الاستراتيجي لبلادنا ولأمتنا، هذه هي التهديدات، هذه الفرص، هذه الخيارات. هذا نموذج رأيناه قبل عدّة ايام، نجتمع بضع ساعات، يخطب بعض الاشخاص، ونقوم بكتابة بيان متواضع، هذه هي الأمور، يعني هذه هي خير أمة أخرجت للناس. حسناً، الشاهد، نأتي إلى الاسرائيلي، طبعاً نحن نقرأ كل سنة ترجمات الموضوعات التي تناقش في هذه المؤتمرات وما يطرح فيها من تهديدات، من فرص، من خيارات، وقراءتهم للوضع في المنطقة. واضح أنه خلال السنتين الماضيتين، يعني إذا نظرنا الى السنة الماضية، عن ال \"\"2010\" و\"2011\"، عندما بدأت التحولات في المنطقة العربيّة، ـ حسناً، نسميها الصحوة الاسلامية، نسميها الربيع العربي، أو صحوة الشعوب، كما تريدون ـ برز قلق إسرائيلي كبير، الاسرائيلي بدأ بالتحدّث عن تعاظم التهديدات، وهذا كان صحيحاً. من أهم التطورات التي حصلت في المنطقة والتي أقلقت الإسرائيليين بدرجة كبيرة جداً: أولاً: سقوط حسني مبارك في مصر، وتعرفون ماذا تعني مصر لإسرائيل، كان يوجد عزاء في إسرائيل. ثانياً: إنسحاب الولايات المتحدة الأميركية من العراق في إطار هزيمة حقيقية، أمام المقاومة العراقيّة وإرادة الشعب العراقي والصمود السياسي في العراق. التحولات في المنطقة التي بدا فيها أن أنظمة ما يسمى بالاعتدال العربي تتهاوى الواحدة تلوَ الأخرى، تونس، ليبيا، النظام في اليمن ـ وإن كان النظام في اليمن تمّ إستيعابه للأسف الشديد بدرجة كبيرة، تمّت مصادرة الحراك اليمني وثورة الشعب اليمني، وترتّبت الامور، وبقي النظام حيث هو، تغيرت بعض الوجوه فقط ـ وأيضاً ما كان يجري ويجري في البحرين، وجد الإسرائيليون أن هذه الأنظمة التي يسمونها أنظمة الإعتدال العربي، الواحدة تلو الاخرى إما سقطت أو في معرض السقوط، أو في معرض التهديد، هذا زاد عندهم من درجة القلق الكبير. تنامي قدرات الجمهورية الاسلاميّة على الصعد المختلفة وهنا بين هلالين عنوان (البرنامج النووي الايراني) الذي نعود إليه في سياق الحديث عن التهديدات الاسرائيليّة لإيران. بدا من خلال التحولات في المنطقة انه يوجد محور كبير قد يتشّكل لمصلحة فلسطين وشعب فلسطين وخيار المقاومة في المنطقة، علاقة تركيا مع إيران ممتازة، علاقة تركيا مع العراق جيدة جداً، علاقتها مع سوريا جيّدة جداً ـ كل ذلك كان قبل الاحداث في سوريا، أو التطورات التي كبرت في سوريا ـ حسناً، علاقتها مع إسرائيل بعد حادثة أسطول فك الحصار عن غزة، أصبحت سيئة ومتوترة، نظام حسني مبارك أو حسني مبارك سقط. بدا للوهلة الأولى أن هناك محوراً كبيراً اقليمياً قد يتشكل، ويلتقي على مسألة فلسطين وقطاع غزة والقدس وشعب فلسطين وما شاكل، لذلك تحدّث الإسرائيليون في مؤتمراتهم تلك، وعلى مدار السنة بأن نسبة التهديد الاستراتيجي عالية جداً جداً جداً، في الوقت الذي توجد فيه فرص متاحة محدودة، ومن جهة أخرى فإنّ الاميركيين ما هو وضعهم، والاوروبيين ما هو وضعهم، ما هي إنشغالاتهم الاقتصاديّة، ما تأثير هزيمتهم العسكرية في المنطقة وفي العراق، وهم على مشارف هزيمة في أفغانستان الخ ... (إزاء ذلك) ظهر قلق إسرائيلي كبير جداً، كان هذا في مرحلة ما قبل التطورات الدامية في سوريا. بعد ما بدا أن التطورات في سوريا بدأت تأخذ منحى خطيراً ودامياً ومقلقاً جداً، نزل منسوب القلق، وارتفع منسوب الأمل الاسرائيلي. كبر الحديث عن الفرص، وهذا منطقي وطبيعي جداً، لماذا؟ لانه إذا نظرنا إلى المشهد بعد التطورات السورية، ما الذي حدث؟ تركيا التي كان يمكن أن تشكل بشكل أو بآخر جزءاً من محور عربي وإسلامي كبير داعم لفلسطين وللقضية الفلسطينية، وصلت علاقتها مع سوريا إلى حد الصفر بل تحت الصفر، العلاقة مع العراق متوتّرة، العلاقة مع إيران متوتّرة أو في الحد الادنى نقول إنها باردة، تركيا أصبحت أولوياتها شيئاً آخر. موضوع غزة وفلسطين أصبح في مكان آخر بالنسبة إلى تركيا. حسناً، بالنسبة إلى الدول العربية التي حصلت فيها تحوّلات، يظهر أنّها مشغولة في نفسها، ليس معلوماً في أي وقت يمكن أن تمتلك القدرة أو القرار أو النية لأن تلعب دوراً أقليمياً مؤثراً في مسألة الصراع العربي الاسرائيلي. لا أدعي أن القلق زال، القلق الاسرائيلي ما زال قائماً، خصوصاً في اتجاه مصر. بدل أن يُستفاد من التحولات في بعض هذه الدول العربية التي سقطت فيها أنظمة وتوظف لمصلحة الشعب الفلسطيني ودعم الصراع مع إسرائيل، ذهبت بإتجاه الصراع في سوريا، مقاتلون من هذه الدول، أسلحة من هذه الدول، دعم سياسي وإعلامي ومالي من هذه الدول. حسناً، إسرائيل تقف وتشاهد الخصومة التي عملت لها إسرائيل لعشرات السنين، تريد أن تكوّن عداوة بين الشعوب العربية والحكومات العربية مع الجمهورية الاسلامية في إيران. أيضاً بسبب هذه الاحداث يتم إستغلال موقف الجمهورية الاسلاميّة المبدئي والاسترتيجي، لأن إيران تنظر إلى المنطقة على النقيض من أميركا، أميركا تنظر الى المنطقة بعيون إسرائيليّة وكان الامام الخميني واليوم الامام الخمنئي، والجمهوريّة الاسلاميّة قيادة وحكومة وشعباً تنظر الى المنطقة بعيون فلسطينيّة. هذه هي الحقيقة. ولأنها تنظر إلى المنطقة بعيون فلسطينيّة لديها هذا الموقف من الأحداث في سوريا، ويتم إستغلال موقف إيران من الاحداث في سوريا لإيجاد هذا المناخ من العداء، من الخصومة، من التوتر. اليوم، عندما ترى إسرائيل هذه التحوّلات التي حصلت في العام الماضي هذا يرفع لديها منسوب الفرص ويخفض لديها منسوب التهديدات ولذلك اليوم نرى إسرائيل، تتكلم عن أمال، حتى في موضوع سوريا، تتكلم عن مستقبل واعد وأنه يمكن أن تأتي معارضة وتستلم الحكم في سوريا وتوقع معاهدة السلام مع إسرائيل ما يسمى بين هلالين \"بالسلام\"، وينكسر محور المقاومة وتتحاصر المقاومة في غزة وتتحاصر المقاومة في فلسطين، هم لا يخفون سعادتهم، أنا لا أحلل ولا أفتري عليهم، هم لا يخفون سعادتهم ولا رهاناتهم، تعرفون أن في إسرائيل يوجد رأي عام ومزاج عام ويوجد عقول وقلوب وعواطف، حدث معيّن يؤثر على الاستثمارات، حدث معين يأتي بالمهاجربن الى إسرائيل، حدث آخر يسمح للهجرة المعاكسة أن تبدأ، ولذلك هم يهمّهم كثيراً الرأي العام الشعبي، طمأنة شعبهم، تقديم الضمانات لشعبهم، ويقولون لهم \"لا، نحن لسنا ضعفاء بل نحن أقوياء\"، مثلاً، ولذلك عند أي مؤشر أو فرصة، تجدون المسؤولين الاسرائيليين يتحدّثون عنها بسعادة، وأي مؤشر تهديد يتكلمون عنه، ولكن عندما يخاطبون شعبهم يحاولون أن يخففوا من قيمة هذا التهديد، لأن كل شيء له تأثيراته السياسية والانتخابيّة والماليّة والاقتصادية والأمنية والديموغرافيّة على الكيان الاسرائيلي . في ظل هذا المناخ، هذه الأشهر الأخيرة، بشكل غير مسبوق بدأ الخطاب الإسرائيلي بالتصعيد غير المسبوق، سواء تجاه إيران أو تجاه لبنان أو تجاه قطاع غزة، والآن سوريا في محنة فهم محايدون عن هذا الموضوع، ولكنهم يفتحون نافذة الأسلحة الإستراتيجية، أسلحة الدمار الشامل، أو أو أو .. كحجة للتدخل الإسرائيلي العسكري في سوريا في يوم من الأيام .. هذه \"العنترة \" الإسرائيلية من جديد، وهذا التصعيد الإسرائيلي الجديد هو مبني على قراءة مختلفة للبيئة الإستراتيجية لإسرائيل عما قبل عامين وسببه التطورات الأخيرة.. نحن سنقف قليلاً ونتحدث بكلمة عن إيران وبكلمة عن لبنان والتهديدات الإسرائيلية وبكلمة عن غزة. موضوع إيران: اليوم هناك تصعيد بالخطاب السياسي، خصوصاً من نتنياهو وباراك وفريقهم، مفاده أننا نريد ضرب إيران، وما عاد للصبر مكان، والوقت يضيق، والهامش \"ما بعرف شو\"... طبعاً الحجة ما هي؟ الحجة هي البرنامج النووي الإيراني الذي يعرف العالم كله أنه برنامج سلمي ولا أحد في العالم يملك دليلاً بسيطاً ان هذا البرنامج عسكري، لأنه حقيقةً ليس عسكرياً، والجمهورية الإسلامية أعلنت بشكل واضح سلمية البرنامج النووي، وسماحة الامام الخامنئي تحدث بوضوح في فتوى شرعية حول موضوع السلاح النووي.. إسرائيل تعرف أنها تكذب على العالم، كما كذبت اميركا على العالم في موضوع سلاح الدمار الشامل في العراق. إسرائيل تكذب على العالم، ومشكلة إسرائيل في مكان آخر، ومشكلة إسرائيل أن إيران دولة اسلامية قوية، دولة في المنطقة أمامها أفق بالمزيد من القوة والإزدهار والتقدم والتطور العلمي والتقني والتكنولوجي وعلى كل صعيد .. ومشكلتها أن إيران هذه ـ القوية، والتي تملك فرصاً هائلة لأن تزداد قوة، بالرغم من كل ما عانته من مؤمرات العالم خلال ثلاثين عاماً ـ أن ايران هذه ملتزمة عقائدياً ودينياً بمسألة فلسطين والقدس، والشعب الفلسطيني هو فوق المسلّمات السياسية والحسابات السياسية. وقد أثبتت إيران أن هذا الإلتزام العقائدي والإيماني هو نهائي وقاطع على مدار 32 عاماً في أصعب الظروف وفي أصعب التهديدات، وفي ظل الحروب عليها، لا تغيّر موقفها ولا حتى الأدبيات. هي لم تبدأ بلاءات الخرطوم لتنتهي بمشروع السلام العربي عام 2002، أي مبادرة السلام العربية. في إيران قال الإمام الخميني في العام 1979: \"إسرائيل يجب ان تزول من الوجود\". تعرضت ايران لحرب ثماني سنين ولعقوبات، والآن تشتد العقوبات ومعها حصار وظلم وغربة واتهام بالصفوية والمجوسية من كثير من حكومات ونخب العالم العربي. ومع كل ما عانته إيران، ومع ذلك يقف الإمام الخامنئي أمس ليقول: \"إسرائيل مرض سرطاني، حالة مصطنعة ستزول من هذه المنطقة ولن تبقى في هذه المنطقة\". حتى في الأدبيات لم يتبدل حرف واحد في موقف الجمهورية الاسلامية في ايران. مشكلة إسرائيل مع إيران هنا، أن الجمهورية الإسلامية تقف إلى جانب شعوب المنطقة، إلى جانب حركات المقاومة في المنطقة، وليس موقفاً خطابياً وليس موقفاً إعلامياً، لا بل هي تمد حركات المقاومة في المنطقة بالمال وبالسلاح، وهي تعرف تبعات أن تعطي سلاحاً لأحد كي يقاتل اسرائيل. إذن ايران هذه هي التي تشكل بالنسبة لإسرائيل اليوم العدو الأول. وأنا في يوم القدس أريد أن أسأل العرب خصوصاً والمسلمين عموماً: يا إخواني، عندما تصبح إيران العدو الأول لإسرائيل في المنطقة وفي العالم، ألا يجب أن يعني ذلك شيئاً للشعوب العربية والاسلامية؟ العدو رقم 1، العدو الحقيقي، العدو الذي تفكر فيه إسرائيل بالليل وبالنهار، تتآمر عليه في الليل وفي النهار، تحرض عليه في كل العالم، تطارده في الليل وفي النهار، تحاصره في كل العالم ... الآن الدول العربية تستطيع أن تشتري أي سلاح، من فرنسا من بريطانيا، من أميركا، ولكن بعض صفقات السلاح الروسية والايرانية مثل اس 300 المضاد دفاع جوي، أميركا وأوروبا والغرب، خدمة لاسرائيل، يضغطون على موسكو لتوقيف الصفقة وأوقفتها. لماذا هذا التحسس من أن تمتلك إيران سلاح دفاع جوي، وليس هناك أي تحسس أن تمتلك بعض الأنظمة والجيوش العربية اسلحة هجومية وليس فقط أسلحة دفاعية،ألا يعني ذلك للعرب والمسلمين، ألا يجب أن يعني ذلك شيئا؟! في يوم القدس، يوم الفرقان بين الحق والباطل، اذا كنا كمسلمين خصوصاً وكإسلاميين على وجه أخص نعتقد أن إسرائيل باطلاً مطلقاً، ونرى أن إيران هي النقيض المطلق لإسرائيل، ألا يعني هذا أن إيران هنا تشكل حقاً مطلقاً، ويجب الوقوف إلى جانبها، ألا ينبغيأ ينتبه كل أولئك الذين يعادون (يخاصمون) اليوم الجمهورية الاسلامية في إيران ويتآمرون عليها من حكام ونخب وقوى سياسية وكل الذين يكتبون ويحرّضون على إيران أنهم يخدمون المشروع الصهيوني، ويقاتلون في جبهة اسرائيل شعروا أو لم يشعروا بذلك، وأن إسرائيل تعلن في الليل وبالنهار أن عدوها الأول والحقيقي هو ايران هذه. ولذلك اليوم هناك جدل في إسرائيل، ليس حول أن إيران عدو أول، ليس حول أن إيران هي تهديد أول، بل حول كيفية التعاطي مع إيران. هذا الشق الثاني بموضوع حديثي عن ايران الذي يجب ان يكون أيضاً مجالا ًللعبرة لنا نحن في لبنان، ونحن العرب، نحن الفلسطينيين، نحن الشعوب العربية والاسلامية. هناك جدل في إسرائيل حول هل نضرب إيران أو لا نضرب إيران؟ نتنياهو وباراك يريدان ضرب إيران. يواجهون رفضاً كبيراً جداً، شبه إجماع، إذا ما قلت اجماع، شبه إجماع من الجنرالات العسكريين والقادة الامنيين الاسرائيليين الحاليين والسابقين انه لا يجب ضرب ايران. طبعاً الخلاف ليس منشأه القيم الاخلاقية، ليس ان السياسيين ليس لديهم أخلاق والعسكر عندهم أخلاق. لا، العكس باسرائيل، العسكر هم اكثر أناس \"ما عندهم اخلاق\". الموضوع ليس له علاقة بالقيم ولا بالقوانين الدولية ولا بالأعراف الدولية. الموضوع له علاقة بمعادلة اليوم تناقش باسرائيل وهي دائما موجودة ، وعندما نأتي الى لبنان هي موجودة ، وعندما نأتي إلى غزة وفلسطين هي موجودة ، اسمها الكلفة والجدوى، جدوى عمل عسكري وكلفة العمل العسكري، القصة ربح وخسارة وبيع وشراء، هذا هو العقل الاسرائيلي الصهيوني ، هذه الحسبة عندهم دائما هكذا. ولذلك كانوا لا يتورعون عن شن الحروب على العرب وعلى الدول العربية لأنه دائما كانت الكلفة أقل بكثير من الجدوى الكبيرة والعظيمة، لا يترددون أن يشنوا الحرب. اليوم بالنسبة إلى ايران ما الجدوى؟ هناك نقاش بالجدوى وهناك خلاف حول الجدوى، لكن هناك نقاش بالكلفة. هنا الحسابات. طيب العبرة هنا ما هي؟ الكلفة طبعاً. هنا اقول لكم إن نتنياهو وباراك يكذبان على شعبهم عندما يأتي مقربون منهم ويقولون إن كل الحفلة (تنقضي بـ 300 قتيل او 500 قتيل) ، العسكر يقولون لهم لا، الكلفة هي عشرات آلاف القتلى، والعسكر دقيق وخبير، وهناك نقاش بالجدوى. اذاً ما الذي أوصل النقاش للجدوى؟ لو كانت إيران ضعيفة، لو كانت إيران يدها قاصرة، لو كانت ايران جبانة، ممكن أن تكون لديها قدرة، ولكن جبانة، لأنه ليس دائما القدرة هي الأساس، القدرة زائد شجاعة اتخاذ القرار السياسي، لو كانت إيران ضعيفة أو لو كانت إيران مقتدرة ولكنها جبانة، ما كان للإسرائيلي ليتردد وما كان هناك نقاش في إسرائيل ولا جدل في إسرائيل، ولا خلاف في إسرائيل ولقُصفت المنشآت النووية الايرانية منذ زمن طويل.. لماذا حتى اليوم لم تقصف، ولماذا هناك جدل في اسرائيل، نقصف او لا نقصف؟ لأن إيران قوية وشجاعة، ولأن الإسرائيليين يعلمون علم اليقين، وأنا أعلم علم اليقين، وكلنا يعلم علم اليقين ـ أنا علمي ليس تحليلياً، أنا علمي معلوماتي ـ وكلنا يعلم أن الجمهورية الاسلامية سيكون ردّها كبيراً وصاعقاً وعظيماً جداً إذا استهدفت من قبل إسرائيل، بل ستقدم إسرائيل الفرصة الذهبية التاريخية لإيران التي كانت تحلم بها منذ 32 عاما. ولذلك نعم، هناك مشكلة وهناك جدل في إسرائيل، وهم مترددون. لا أحد يفهم من كلامي وتحليلي أنني أقول إنني أقطع أن اسرائيل لن تضرب إيران. لا، أنا لا أقول ذلك، ولكن أنا أجزم بأن إسرائيل متهيبة جداً من ضرب إيران، خائفة جداً، قلقة جداً، وهذا مهم جداً. إذاً، هنا العبرة ليكون أي بلد عربي، ليكون أي شعب عربي بمنأى عن الخطر الاسرائيلي والعدوان الاسرائيلي والتهديد الاسرائيلي، هناك منطق واضح، لا يوجد أحد يناقش فيه، حتى في القمة الاسلامية الاستثنائية، الاعتدال العربي ماذا قال:\"نحن في عالم لا يحترم الا الاقوياء\"، عظيم ، كيف نكون أقوياء؟ بالفتن المذهبية والطائفية، تدمير بلادنا، تخريب أوطاننا؟ أي بلد عربي يريد أن يكون بمنأى عن العدوان وعن التهديد يجب أن يكون قوياً، وغير ذلك، شعر وإنشاء عربي وفيلم سينما. الذي يعيش في عالم الواقع، هذا هو الواقع. نأتي إلى لبنان، كذلك هذا ما شهدناه في الأسابيع الأخيرة، تهديد، تصعيد كبير في اللهجة تجاه لبنان، إلى حد الحديث عن تدمير لبنان كله. أي أن إسرائيل إذا حصل أمر ما سوف تدمر لبنان، كل لبنان، ليس فقط سندمر حزب الله. أولاً، أحب اليوم في يوم القدس أن أعلق على هذا الكلام، نحن لا ننكر أن إسرائيل تملك قوة تدميرية هائلة. ثانياً، لا ننكر أيضاً أن العقل الإسرائيلي عقل إرهابي ووحشي، عقل مجازر، والشاهد من فلسطين إلى لبنان إلى كل المنطقة. إذاً يملك العقل الإرهابي والمتوحش، ويملك القدرة التدميرية. وثالثاً هو فعل ذلك. فهو سنة 1982 ألم يدمر جزءاً كبيراً من لبنان! ألم يدمر في غزة، وفي عام 2006! لا يوجد شيء جديد. الجديد قوله إنه سيوسع الموضوع أكثر. لكن هناك جديد ليس في إسرائيل، هناك جديد في لبنان. بالنسبة للإسرائيلي لا يوجد جديد، عقله هو ذاته، القدرة، التفوق، التعهد الأميركي بتفوق إسرائيل، الإجرام، كل هذا موجود. الجديد هنا، وهو: أنت تستطيع أن تفكر بما تريد وأن تفعل ما تريد ، لكن أنت لست وحدك في الميدان. هذا هو الجديد. الجديد، أنا اليوم لا أريد أن أقف وأقول : نحن في المقابل نستطيع أن ندمر إسرائيل. أنا واقعي. أنا لا أدعي أننا في حزب الله بالامكانات المتاحة لدينا نستطيع أن ندمر إسرائيل. هذا يحتاج إلى إمكانات هائلة. لكن أستطيع أن أقول إننا نستطيع أن نحول حياة ملايين الصهاينة الإسرائيليين في كل فلسطين المحتلة إلى جحيم حقيقي، نستطيع أن نغير و جه إسرائيل، نعم نستطيع أن نفعل ذلك. حتى في تقدير الكلفة (الإسرائيلية) 300 أو 500 قتيل (بحسب التقدير الإسرائيلي) للحرب مع إيران، كم إذا مع لبنان؟ من يتابع الجدل الدائر في داخل إسرائيل يعرف. أنا اليوم لا أريد أن أعيد كل ما كنا نقوله في السابق وصادق عليه الإسرائيلي، وإنما أريد أن أزيد إضافة وهي التالية: للبنانيين حتى يطمئنوا ، وللإسرائيليين حتى يأخذوا الأمور بجدية، وأن الحرب مع لبنان مكلفة جداً جداً جداً جداً حتى ينقطع النفس. هناك بعض الأهداف في فلسطين المحتلة، لن أسميها الآن، بعض الأهداف في فلسطين المحتلة يمكن استهدافها بعدد قليل من الصواريخ، العدو يفكر أنه عندما تقع الحرب يقوم بضرب كل الأماكن المحتملة للصواريخ، كما تحدثنا عن موضوع الوزن النوعي ، وأنا قرأت أن بعض الناس كتبوا أن السيد يحدثنا عن حرب وزن نوعي فما علاقتها الآن، لأنه هو خارج الصراع مع إسرائيل، أما من يخوض صراعاً مع إسرائيل عليه أن يقول لشعبه اللبناني ولأمته العربية والإسلامية وأيضاً لعدوه، الذي تعتبره أنت انجازاً والذي يسمى الوزن النوعي كان كذبة، لم يكن إنجازاً، وهذه الكذبة يمكن أن تتكرر. يمكن أن يكون بناء الإسرائيلي أن يطلع الطيران ويقوم بضرب كل الأماكن المحتملة للصواريخ وعندها يصبح بمنأى، يعني مثل بداية حرب 1967. أنا أقول للإسرائيليين: يوجد لديكم عدد من الأهداف، وعدد غير كبير، ولا نحتاج إلى عدد كبير من الأهداف، ويمكن أن يُطال بعدد من الصواريخ الدقيقة النقطوية وأيضاً عدد قليل من الصواريخ، لا نحتاج إلى عدد كبير، وهذه الصواريخ موجودة لدينا. ضرب هذه الأهداف بصواريخ قليلة، سيحوّل، ولن أذكر الآن أسماء، سيحول حياة مئات الآلاف من الصهاينة إلى جحيم حقيقي. يمكن الحديث عن عشرات آلاف القتلى، وليس عن 300 قتيل و500 قتيل. أنا اليوم في يوم القدس 2012 أقول للإسرائيليين: هذه الأهداف موجودة لدينا وإحداثيتها موجودة لدينا، وهذه الصواريخ معدّة ومنصوبة ومركزة على هذه الأهداف، وفي سرية ممتازة جداً، ونحن في أي مرحلة من مراحل العدوان على بلدنا إذا اضطررنا لاستخدام أو لاستهداف هذا النوع من الأهداف من أجل حماية شعبنا وبلدنا لن نتردد من فعل ذلك. على الإسرائيليين أن يعرفوا جيداً أن كلفة العدوان باهظة جداً جداً جداً ولا تقاس بكلفة الحرب في عام 2006، ولا تقاس. وقصة 2006، اليوم مازالت حاضرة. نحن الآن على بعد أيام من ذكرى 14 آب 2006، ذكرى الانتصار الكبير العظيم، ونرى حال البلد وحال الأمة، أعظم انتصار في تاريخ الشعب اللبناني يمر بشكل عادي و(اللبنانيون) منشغلون بسباب وشتم بعضهم البعض وقطع الطرق بعضنا على بعض، \"الله يكون بالعون\". عندما يحصل نقاش، سأجلب لكم شاهداً من قنوات تلفزيونية إسرائيلية، يحصل لقاء في وزارة الحرب الإسرائيلية بين إيهودا باراك وبين جنرالات إسرائيليين حول موضوع ضرب إيران، طبعاً الجنرالات لا يقبلون ، لا يقتنعون، في الأخير يقسو عليهم باراك ويقوم بتسريب هذا الكلام للإعلام. ماذا يقول لهم؟على ذمة التلفزيون الإسرائيلي، يقول باراك في أكثر من جلسة في مبنى وزارة الدفاع وفي مبنى الموساد بعد أن حاول إقناع قادة الجيش بالضرب العسكرية لإيران، إلا إنه لقي معارضة شديدة ولا مساومة فيها، وهو ما دفعه ـ وهنا الشاهد، استمعوا جيداً يا لبنانيين ويا عرب ويا مسلمين ـ وهو ما دفعه، وهو جنرال إلى اتهامهم بأن الصدمة الشعورية لحرب عام 2006 هي التي تمنعهم، تدفعهم، إلى معارضة مهاجمة إيران، وصولاً إلى قول باراك أن درس العام 2006 ما زال يسيطر على القيادة العليا للجيش في إسرائيل في العام 2012. هذا آب وتموز 2006، لكن هناك أناس في لبنان لا يستحون. طبعاً، فاتني القول أنه في العالم العربي بدل أن نعقد المؤتمرات لمناقشة البيئة الاستراتيجية والخيارات ونضع خططاً للقوة والاستفادة من الفرص، نعم هناك نموذج ويمكن أن يكون وحيداً في العالم العربي لكن بالمقلوب وهو طاولة الحوار في لبنان. في إسرائيل يجلسون لمناقشة كيفية الاستفادة من الفرص، لكن في لبنان لدينا فرصة وحيدة نعمل ليلاً ونهاراً للتخلص منها وهي المقاومة. أحب أن أختم الشق اللبناني بالقول : عام 2006 ارتكب أحمقان، وأنا في أول يوم للحرب قلت للإسرائيليين ستكتشفون أن رئيس حكومتكم أحمق، ارتكب أحمقان، هما أولمرت وبيرتس، حماقة كبيرة، فكانت حرب تموز وكانت خسارة استراتيجية لإسرائيل ما زالت مسيطرة ـ كما يعترف وزير الحرب الإسرائيلي ـ على عقل قيادة الجيش العليا إلى اليوم. أنا أقول للإسرائيليين اليوم لديكم أحمقان : نتنياهو وباراك. إذا أدى عمل الأحمقين الأولين إلى خسارة استراتيجية، لا أدري حماقة نتنياهو وباراك، خصوصاً إذا ارتكبت مع إيران، إلى أين ستودي بإسرائيل. التهديد الإسرائيلي أيضاً تصاعد في الآونة الأخيرة، طبعا قطاع غزة هو دائماً تحت مرمى القصف والإغتيال والعدوان، لكن أحياناً ترجع لغة التدمير والتهجير والإجتياح والاحتلال وما شاكل. طبعاً في قطاع غزة الوضع مختلف عما هو إيران أو في لبنان. الوضع مختلف بسبب مساحة القطاع، الحصار الذي ما زال قائماً، الوضع الجغرافي والوضع الديمغرافي وطبيعة الإمكانات والظروف القاسية التي عاشها شعب غزة وقطاع غزة. وفي غزة يوجد إرادة مقاومة صلبة عبّرت عن نفسها في حرب العامين 2008 و2009. كانت غزة أمام فرصة ليتحسن وضعها. حصلت تلك الحادثة المأساوية، حادثة قتل ضباط وجنود مصريين من قبل مجموعة. نحن أدنّا هذا العمل، وندين هذا العمل، ونعتقد أن اسرائيل هي المستفيد الأول من هذا العمل، وكان الأمر بالعكس، هذه الفرصة بالحد الأدنى ضاعت، بالعكس هناك أنفاق تفجر والظروف تصعب، ونأمل ان يعالج هذا الموضوع. لكن النقطة التي أريد الوصول إليها في مقابل تهديد إيران. إيران قوية في مقابل التهديد. في لبنان نحن نملك من الشجاعة أكثر مما نملك من القدرة، لكن نملك من الشجاعة والقدرة إن شاء الله ما ندافع به عن بلدنا. وأنا اقول لكم: عندما يعتدى على بلدنا، لن ننتظر إذنا من أحد، لن ننتظر إذنا من أحد. الخوف، الهم الأساسي، هو قطاع غزة، الهم الأساسي هو بيت المقدس والمسجد الأقصى، اذا هناك حصل العدوان ما العمل؟ ما هو رد الفعل، ما هي الأمكانيات، ما هي الفرص، ما هي مسؤولية الأمة. هذا يعيدنا في الجزء الأخير من الكلمة إلى فلسطين، إلى القدس ولو من بوابة غزة، ردّ الأمة لنرى خياراتنا وفرصنا. قبل أيام شهدنا قمة إسلامية إستثنائية في مكة المكرمة. جيّد أن يجتمع رؤساء وملوك وأمراء دول العالم الإسلامي وفي أرض العبادة والقداسة وأعظم وأقدس أرض في مكة المكرمة، هذا عظيم، ذات الاجتماع عظيم. قيل عن ضرورة أن نكون أقوياء، جميل. قيل عن التضامن الإسلامي، جميل. تحدثوا عن ضرورة مواجهة الفتن الطائفية والمذهبية والتحريض المذهبي، أيضا عظيم. تحدثوا عن أن وسائل الإعلام العربية تتحمل مسؤولية كبيرة، في هذا المجال أيضاً عظيم. هذا كله كلام صدر في البيان الختامي وفي خطب الرؤساء. هناك خطوة تم إقرارها في القمة الإسلامية الاستثنائية. خطوة ممتازة وجيدة. وبمبادرة من الملك السعودي وافقت القمة على تأسيس مركز للحوار بين المذاهب الإسلامية مركزه الرياض، عظيم. وكان في قمة إسلامية سابقة كان هناك حديث عن أهمية الانفتاح والحوار بين أتباع المذاهب الإسلامية وهذا عاد وأكده أمين عام منظمة التعاون الإسلامي احسان اوغلو، وقال إن الحوار سيكون بين المذاهب الإسلامية التالية: المذاهب الإسلامية الأربعة المعروفة: الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي، تم ضم او اعتراف بأربعة مذاهب اسلامية أخرى هي الجعفري الزيدي الظاهري والأباضي، الأباضيون موجودون في سلطنة عمان، وبعضهم موجودون في الجزائر وفي دول آخرى. إذاً هناك ثمانية مذاهب إسلامية اعترفت بها منظمة التعاون الإسلامي، أقر لهذه المذاهب الإسلامية الثمانية مركز حوار بين المذاهب الإسلامية في الرياض، عظيم. لكن ليكون هذا منتجاً يجب التعبير عن الجدية، والخطوة الجديّة الأولى في هذا الحوار ولنجاح هذا المركز هي وقف أعمال التكفير لأتباع المذاهب الإسلامية، أن يأتي أحد أتباع المذاهب الإسلامية ـ أيّاً كان ـ من الثمانية، ويكفّر أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى. هذا قائم على قدم وساق\". وأنا اطالب الدول التي أقرّت بالإجماع تأسيس مركز حوار من هذا النوع، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، صاحبة الاقتراح، وصاحبة الرعاية، ومكان تأسيس المؤتمر، أن تبادر هي أولاً إلى وقف تمويل كل الفضائيات التي تعمل في الليل وفي النهار على تكفير أتباع المذاهب الإسلامية التي تختلف معها. ويجب العمل على وقف تمويل كل الجهات، وعلى إعادة النظر ببرامج التعليم ومناهج التعليم في دولها التي تربي الأطفال الصغار على تكفير أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى. من هنا يجب ان نبدأ، أن يعترف أحدنا بإسلام الآخر. نحن في يوم القدس، في آخر يوم جمعة من شهر رمضان، نعترف ونقر بأن أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى هم مسلمون، دمهم دمنا ومالهم مالنا وعرضهم عرضنا، نختلف معهم في بعض التفاصيل وفي بعض الفروع وفي بعض المسائل. المطلوب، لينجح حوار من هذا النوع، أن لا يكون على طاولة الحوار ولا في أرض الحوار أحد يكفّر الآخر ويقول له انت كافر. إن كنت كافراً لماذا سأعزم الى الرياض وتدخلني كأتباع هذا المذهب أو ذاك المذهب، سواء كنت حنفياً أو زيدياً أو جعفرياً أو أباضياً أو ظاهرياً أو حنبلياً أو مالكياً، مهما كان، أن تنظر لي بنظر كافر في رأيك. ما هو الداعي لهذا الحوار. لكن أن نأتي متأخرين أفضل من أن لا نأتي. خطوة متأخرة تحتاج إلى جدية، تحتاج إلى متابعة، جيّد. دعونا في هذا الموضوع ان نرى الجزء المليء من الكأس، نصل إلى فلسطين، وهنا الشاهد والكلام الذي سبق بين هلالين وكان مهماً. لأن اليوم، من يحمي فلسطين، هو أن العرب والمسلمين يعرفون كيف يحلون مشاكلهم. وصلنا إلى فلسطين، انظروا إلى البيان الختامي 2012، في ظل ما يجري في القدس من تهويد، وفي ظل ما يجري في الضفة الغربية، في ظل الحصار على غزة، وفي ظل التهديد للمسجد الأقصى والحفريات، في ظل الإعلان الإسرائيلي اليومي عن مسألة القدس، وتهديد المحيط لبنان، إيران ليست عرباً وإن كانت القمة ليست عربية بل إسلامية، إيران دولة إسلامية وتهددها اسرائيل، لبنان بلد عربي، وتهدد اسرائيل قطاع غزة، جزء من بلد عربي تهدده إسرائيل. ما هو رد القمة الاسلامية الاستثنائية؟ اتمنى أن تروا كلكم البيان، كلمتان، أن فلسطين قضية مبدئية بالنسبة لنا، والمطالبة بتنفيذ القرارات الدولية، عدنا إلى العام 67 وخارطة الطريق، ومبادرة السلام العربية ما زالت على الطاولة، وتحمل إسرائيل مسؤولية تعطيل عملية السلام، عظيم، وأن الحصار على غزة ظالم ويجب أن يرفع، وأنه يجب الاهتمام بالقدس والمقدسيين، هذا البيان الختامي. أود أن أسألكم سؤالاً في يوم القدس: إذا اليوم، أي مسؤول اسرائيلي، أي جندي سرائيلي، أي جنرال اسرائيلي، أي أهبل اسرائيلي، لا تؤاخذوني، يترجم هذا النص له من العربية إلى العبرية، وهذه الدول الإسلامية كلها مجتمعة باستثناء سورية، طبعاً أنا أعرف موقف إيران مختلف، ويقرأ النص \"شو بيطلع معو\"؟ يطلع معه أن هذه فلسطين، يمكنك مسح قطاع غزة، ويمكنك تدمير المسجد الأقصى، ويمكنك تفقير وتهجير المقدسيين، ويمكنك أن تهاجم لبنان وإيران ولا يوجد عالم إسلامي. ألا يقرأ كذلك؟ أنا كمواطن عربي أفهم العربية، عندما أقرأ هذا النص في هذا الظرف، في هذا المناخ، في ظل هذه التهديدات الإسرائيلية، استنتج أنه لا يوجد عالم اسلامي، كما كنا نقول لا يوجد عالم عربي، اتحدث على مستوى الحكومات طبعا، بالنسبة لنا هذا ليس جديداً، نحن في العام 82 عندما حملنا السلاح لنقاتل من أجل تحرير بلدنا كانت لدينا قناعة أنه لا يوجد عالم عربي ولا عالم اسلامي ولا عالم. عام 2006 لم نكن ننتظر لا العالم العربي ولا العالم الاسلامي ولا العالم. بالعكس، رأينا أين كان العالم، لكن اليوم أذكر هذا الشاهد لآخذ منه النتيجة وأقول للفلسطينيين: يا إخواننا في فلسطين، طالما نحن في الشق المتعلق بقطاع غزة انظروا كما في السابق منذ 60 أو 62 عام، منذ البداية وحتى اليوم، الذي يغيّر المعادلة في المنطقة هو أن تكونوا أقوياء، إذا كان قطاع غزة قوي تحترمكم اسرائيل وتحسب لكم حساباً، إذا كان الشعب الفلسطيني قوياً يحسب له حساب، حتى في ال
نصر الله:بالرغم من التفجيرات في العراق يخرج العراقيون في يوم القدس ليقولوا إن فلسطين والقدس هي قضيتنا المركزية
- 2012-09-14 00:00:00
- التصنيفات :
- الاخبار
- الوسوم :
- مشارکة الخبر
- مشاركة في الفيسبوك
- التويتر
- جوجل بلاس
- طباعة