أُسدل الستارعن قصة دامية بدأت باحتلال العراق عام 2003 حيث الترويع والتعذيب وهتك الحرمات، وانتهت بأكوام من الخردة تركتها القوات الأمريكية خلفها وهي تنسحب من آخر قاعدة لها في العراق بعد هزيمتها على يد المقاومة الاسلامية.
جلا الاحتلال بعدما أمضى في العراق تسعة أعوام، شارك خلالها في الجيش الأميركي أكثر من مليون أمريكي كما قال رئيسهم باراك اوباما، وأكثر من نصف مليون من المتعاقدين وافراد الشركات الأمنية.
وبدأ المحللون العسكريون والسياسيون الأمريكيون عملية تقييم لتلك المغامرة العسكرية التي تكبدت خلالها الولايات المتحدة (5000) قتيلا و(33) ألف جريح حسب الأرقام الرسمية وأنفقت حوالي تريليون دولار،في حين يؤكد محللون إنها تجاوزت تلك الارقام بكثير.
حيث ذكر المحللون أن الأنسحاب الأمريكي جاء نتيجة الضربات التي توجهها المقاومة، حيث أنهم يهاجمون القوات الأمريكية ويقتلون الجنود ويحرقون الدبابات .
فيما قال البروفيسور آندرو باكيفتش أستاذ العلاقات الدولية والتاريخ بجامعة بوسطن " لم تحقق الولايات المتحدة نصرا عسكريا ولم تنجز أهدافا إستراتيجية من حرب كلفتها آلاف القتلى والجرحى وخلفت مئات الآلاف من القتلى والجرحى العراقيين".
واضاف باكيفتش "ان التراث الكارثي للحرب الأميركية في العراق يتخطى الخسائر المالية والخسائر في الأرواح حيث أنه أظهر للعالم افتقار القيادة السياسية الأمريكية للقدرة على ضبط النفس ونزوعها إلى استخدام القوة كأداة في السياسة الدولية وبغض النظر عما يمكن تحقيقه أو لا يمكن إنجازه، اندفعت الولايات المتحدة في شن الحرب وكأنها أصبحت وسيلة عادية من وسائل العلاقات الدولية سيتقبلها الشعب الأمريكي بدون أي معارضة".
واشار محللون عسكريون ان ما يعانية الجيش الاميركي من ارتفاع نسبة الانتحار في صفوف قواته في فترة الاحتلال يرجع إلى عدة أسباب منها "تواصل الضربات الموجعة للمقاومة الاسلامية في العراق ضد قوات الاحتلال في العديد من المدن،وعدم وجود مكان آمن لهذه القوات في العراق، فعلى الرغم من تمركز هذه القوات في الثكنات العسكرية المحصنة، التي تعتبر بالنسبة لهم ملاذاً آمناً، الا ان سقوط قذائف المقاومة على معسكراتهم يجعل الجندي الأمريكي في حالة قلق مستمر وبالتالي انهياره،وبعض هؤلاء الجنود الرافضين للحرب يشعرون بالذنب بسبب الظلم والقتل الذي تمارسه قواتهم تجاه الأبرياء من العراقيين، مما يجعلهم يتهربون من الحياة بـالانتحار".
واضاف هؤلاء المحللون "ان الحل الأمثل لخلاص الجيش الاميركي من الخسائر اليومية وحالات الانتحار لأفراد جيشهم في العراق هو الانسحاب الكامل من البلاد لإنقاذ هذه القوات من القتل أو الانتحار أو الجنون".
في حين وصفت الصحافة الغربية ومنها موقع channelnewsasia الانسحاب في تقرير له "على الرغم من حرص الجيش الاميركي في ترويج الافضلية للعمليات العسكرية في افغانستان الا ان الجيش لم يستطع التملص من حقيقة هروبه من العراق ".
اما المقاومة الاسلامية فاكدت في بياناتها هزيمة هذه القوات ومن اول مرحلة للانسحاب حيث قالت "نحن في كتائب حزب الله في الوقت الذي نعتبر ان ما حصل هو الصفحة الاولى من صفحات الهزيمة في مسيرة الاحتلال، فإننا في الوقت نفسه نجدد العهد بأننا لم ولن نلقي البندقية حتى خروج آخر امريكي دخل العراق ضمن المشروع الامريكي ".
واضاف البيان الصادر في 20-8-2010 " نقول ان ما استطاع الاحتلال نقله من جنوده تحت جنح الظلام ولم يعلن عنهم الا بعد وصولهم الى قواعد خارج العراق سوف لن يضمن فرصةً كهذه لمن بقي من عناصره داخل العراق، وما عملية الهروب تلك وبهذا الاسلوب الا اشارةً واضحة الى المأزق الذي يعاني منه الاحتلال من عمليات ابناء كتائب حزب الله ".
يذكر ان قوات الاحتلال اشارت الى دور المقاومة الاسلامية كتائب حزب الله وعلى لسان قادتها في استهداف قواتهم ودك قواعدهم حيث قال قائد قوات الاحتلال في العراق الجنرال اوديرنو للصحفيين في مؤتمر صحفي 13-7-2010" ان كتائب حزب الله لا تزال تشكل تهديداً أكثر خطورة على القواعد الأمريكية لانها زادت من هجماتها الخطرة بالقذائف الصاروخية على القواعد العسكرية الامريكية في الاسابيع الماضية. مؤكداً بقوله " رفعنا مستوى الاستنفار الامني في بعض قواعدنا لتزايد تهديدها من قبل كتائب حزب الله " .
واضاف اوديرنو " ان كتائب حزب الله تشكل الآن تهديدا أكثر خطورة على القوات الامريكية من تنظيم القاعدة لأنها باستهدافها القواعد الأمريكية تسعى إلى ممارسة الضغط على البنية السياسية في العراق . بحسب تعبيره
واكد اوديرنو ان كتائب حزب الله تخطط لاستخدام القنابل الصاروخية القوية "الصواريخ المرتجلة IRAMs" والتي تدفع بمساعدة صواريخ 107 ملم قصيرة المدى (في اشارة الى صواريخ الاشتر) وتطلق من الجزء الخلفي من شاحنة نقل".
واوضح ان المسؤوليين في الولايات المتحدة خلال السنوات السبع الماضية اكدوا ان 16 هجوم نُفذ على القواعد الامريكية بصواريخ IRAMS ، بما في ذلك خمسة في السنة الماضية بحسب قوله ، محذراً ، ان هذه الصواريخ ستكون اكثر فتكاً بقواتنا اذا عرفنا ان الجيش الامريكي انسحب من القواعد الصغيرة الى قواعد أكبر حجما وأكثر عدداً .