في مهرجان نصرة القدس .. كتائب حزب الله : طبيعة القدس الدينية ترفض قرارات الغطرسة الأمريكية لجعل المدينة بؤرة صراع دائم في المنطقة

بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيمِ

الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، والصلاةُ والسلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمرسلينَ، محمدٍ وآلهِ الطيّبينَ الطّاهرينَ، وبعدُ:

العزاءُ لبقيةِ الله، ومراجعنا العظام، بمصاب الإمامِ الهمام، يعسوب الدين وإمام المتقين، مولانا أمير المؤمنين علي بن ابي طالب، عليه أفضلُ الصلاةِ والسلام.

السلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ ...

لابُدَّ في البدءِ مِن كلمةِ إجلالٍ وإكبارٍ، للأَكُفِّ التِي عانَقَتِ البَنَادِقَ، واستوطَنَتِ الخَنَادِقَ؛ دفاعاً عنِ المُقدساتِ والأرضِ والعرض؛ مؤمنةً أنّ الكرامةَ شعلةٌ مِن نارٍ ونورٍ، لا يحمِلُهَا إلّا كُلُ مجاهدٍ شجاعٍ غيور؛ ذلك أنّ مِن أفضلِ الأعمالِ، وأشجعِ الأفعالِ، في هذا الشهرِ الكريمِ المفضالِ، رصاصة عاشقة، مِن أَكُفٍّ ناطقةٍ، بتسبيحِ ثباتٍ عنيدٍ، عندَ ثُغُورِ التمهيدِ، لنائبِ القائمِ من آلِ محمّدٍ عليهِمُ الصلاةُ والسلامُ، سماحةِ السيدِ القائدِ الإمامِ، الخامنئيِّ دامَتْ بركاتُهُ للمؤمنينَ، ورعبُهُ للصهاينةِ والمستكبرينَ.
إخوتي:
لا حديثَ عنِ المقدّساتِ دونَ الكلامِ عن "القدسِ"؛ فهي عاصمةُ عقيدةِ التوحيدِ، في زمنِ سيادةِ الأوثانِ، وانحسارِ ملّةِ إبراهيمَ عليهِ السلامُ، كانَت وجهةَ رسولِ الإنسانيةِ إلى السماءِ، وقبلةَ صلاةِ الإسلامِ الأولَى، وإذا كانَت مَكّةُ عاصمةَ الرسولِ، فالقدسُ عاصمةُ الرسالةِ، وموطنُ الصلاةِ، وعشقُ الجِباهِ، فَلَو لَم تَكُن عروسَ الإسراءِ، ومُهرَ المِعراجِ، لَمَا فكّرَ صهاينةُ اليهودُ باحتِلالِها.

   ولَا ينبغِي للقُدسِ أن تُغتَصَبَ هَوِيّتُهَا، بقرارَاتِ الغطرسةِ الأمريكيّةِ؛ ومَا تُحَاوِلُهُ سياسَتُهَا مِن جعلِهَا بؤرةً دائمةَ الصراعِ، تَرفُضُهُ الطبيعةُ الدينيّةُ لهذِهِ المدينةِ المقدّسَةِ، فَهُوِيَّتُهَا نابعةٌ من ذاتِهَا، حيثُ تمتزجُ بِهَا دعواتُ السيّدِ المسيحِ، معَ وصايَا الكليمِ موسَى، معطرةً برحمةِ الرسولِ محمدٍ؛ عليهِمُ أفضلُ الصلاةِ والسلامِ. 
   إخوتي، إنّ القُدسَ بِكُلِّ مَا تَختَزِلُهُ مِن قُدسِيَّةِ السماءِ، أضحَتْ مَعلَمًا على طريقِ الفداءِ، ومَزَارًا مُبَجّلًا في دربِ عروجِ الشُّهَداءِ، ويومًا بعدَ يومٍ، تَتَّضِحُ خَساسَةُ حُكَّامِ العربِ الذينَ باعُوا فَلَسطِينَ، وَتَنَاوَمُوا عَن معاناةِ شعبٍ كاملٍ يرزَحُ تحتَ نَيرِ المَظلومِيَّةِ، فَلَا تَجِدُ لِـ "مُتَشَيِّخِي" حُكّامِ السَّعودِيَّةِ، مَعَ كُلِّ تُرَاثِهِمُ الطافِحِ بتكفيرِ المسلمينَ، واستباحةِ دمائِهِم، بيانًا واحدًا يُبارِكُ لعمليّةٍ جِهَادِيّةٍ، أو فتوىً استشهادِيَّةٍ ضِدَّ المغتصبِينَ الصهاينةِ.  
وَهَا هِيَ حكوماتُ الأعرابِ مِن آلِ سَلولٍ وغيرِهِم، تَرتَمِي فِي أحضانِ التَّطبيعِ، وتَتَنَكَّرُ لِكُلِّ مَا هُوَ إسلامِيٌّ وعَرَبيٌّ في فَلَسطينَ، يحفظونَ بذلِكَ عُرُوشَهُم، ويريدونَ دوامَ سُلطَانِهِم، فَصَارُوا مِصداقًا لِقولِهِ تَعَالَى: الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا.

إخوتي، إنَّنَا نعيشُ الآنَ أجواءَ مشهدِ الصراعِ بينَ الحقِّ والباطِلِ، وَقَدِ اختارَ اللهُ المخلصِينَ مِنَ المؤمنينَ؛ ليكونُوا إِحدَى حَلَقَاتِهِ؛ إذ يَبرُزُ اليومَ الكفرُ كُلُّهُ، إلَى الإسلامِ كُلِّهِ، نحنُ الآنَ أمامَ مُعسكَرَينِ؛ مُعسكرُ الاستكبارِ؛ مُمَثّلًا بأمريكا والكيانِ الصُّهيُونِيِّ، تتبَعُهُم حكوماتُ أوباشِ العُربَانِ، وَقَد سَّخَّرُوا كُلَّ إمكاناتِهِمُ العسكريّةِ والإعلاميةِ؛ لتُسَيِّرَ عملاءَهم في كلِّ البلادِ العربيَّةِ والإسلاميّةِ، وقوفِا ضِدَّ جبهةِ الحقِّ.

وَفِي الجهةِ الإخرى، تقفُ حركاتُ المقاومةِ، تحتَ رايةِ وليِّ الأمرِ، جنديِّ صاحبِ العصرِ، وَقَد أجلَبَ عليهِمُ الشيطانُ الأكبرُ، بخيلِهِ ورجالِهِ؛ ظَنًّا مِنهُ أنَّهُم كَغَيرِهِم، يَكفِيهُ اتصالٌ لدقائقَ، كَي يَدفَعوا له ملياراتِ الذُّلِّ، وأموالَ الطاعةِ.

خابَ وخسرَ، وهَا هُوَ اليومُ يستجدِي حكوماتٍ وأفراداً للوساطةِ؛ عَسَى أن يحفظَ ماءَ وجهِهِ، الذي أراقَهُ بوعيدٍ أبترَ، وجُندٍ سيجعَلُهُم طعاماً تحتَ مدَى صواريخِ الكرَّارِ و الأشترِ، لا يدري أنّ هذا المعسكرَ ليس كغيرِهِ؛ فهم ينتمونَ إلى مدرسةِ الإسلامِ المحمديِّ الأصيلِ، وهي التي يأنسُ أبناؤها بالموتِ إذَا هَدَّدُوا، وَشِعَارُهُم: إنَّ الموتَ لنا عادةٌ، وكرامَتُنَا مِنَ اللهِ الشَّهَادَةُ.

أم يحسَبُ ترامبُ الأحمقُ -ربيبُ صالاتِ اللَّهوِ والقمارِ- أنّه إذْ رَكَزَ بينَ اثنَتَينِ، سيسمعُ غيرَ جوابِ الأحرارِ:

 ألَا وإنَّ الدَّعِيَّ ابنَ الدَّعِيَّ قد رَكَزَ بينَ اثنتينِ، بينَ السِّلّةِ والذِّلَّةِ، وهيـــــــــــــهاتُ مـــــــــــــــــــِنَّا الــذِّلَّةُ.

يَأبَى اللهُ لَنَا ذلكَ ورسولُهُ والمؤمنونَ، وحجورٌ طَابَت وطَهُرَت، وأنوفٌ حَمِيَّةٌ، ونفوسٌ أبيِّةُ، مِن أن نؤثرَ طاعةَ اللِّئَامِ عَلَى مصارِعِ الكرامِ.


أيُّها الإخوة

لَقَد غَادَرَنَا الأمامُ الخمينيُّ، وهُوَ يَرَى أنّ قتالَ الكيان الصهيوني وإزالَتَه من الوجودِ، هو واجبٌ عقائِدِيٌّ، وأخلاقيُّ وإنسانيٌّ؛ لأن خَطَرَه لا يَقتَصِرُ على فلسطينَ والقدسِ؛ بَل يَعمُ الإنسانيّةَ كُلَّهَا؛ تلكَ الإنسانيّةُ التي تَسعَى الصُّهيونِيَّةُ إلى جعلِهَا في خدمةِ أهدافِها الشريرةِ والشيطانيةِ.

  وَلَم ينقطعْ مَددُ المقاومةِ، برحيلِ الإمامِ الخمينيِّ (رضوان الله عليه) فَهَا هُوَ الإمامُ القائدُ السيّدُ، عليٌّ الخامنئيُّ، "حفظهُ اللهُ" يقولُ: إن محورَ هذا الكفاحِ الحسّاسِ والخطيرِ، ضِدّ إسرائيلَ، هو الشَّعبُ الفَلَسطِينِيُّ الشُّجاعُ المظلومُ، الذي عاشَ المصائبَ بكلِّ وجودِهِ، والذي يُشكِّلُ خطراً عظيماً على العدوِّ، ببركَةِ التَّمسُّكِ بالإسلامِ، وبجهادِهِ المتواصِلِ داخلِ الوطنِ المحتلِّ.

وأما نحنُ فنقولُ لحكوماتِ الاستخذاءِ والجُبنِ، وأمراءِ التطبيعِ وصفقَةِ القَرنِ، ومِن خلفِهِم أمريكا وكيانُ الاستيطانِ، سيُهزمُ الجمعُ ويولّونَ الدُّبُرَ، وسَتَبقَى رايةُ المقاوَمَةِ خَفَّاقَةً منتصرةً، فَمَا دخلتُم ميداناً فيه للمقاومةِ رجالٌ إلا انكسرتُم، وقد جرَّبتُم بأسَهَا فَخَسِرتُم، هَزَمَتكُم المُقاومةُ مِن قبلُ في حربِ تَمُّوزَ، ودَحَرتكُم في العراقِ، وأفسَدَت مُخطَّطاتِكُم في الشامِ، وها أنتُم تذوقونَ مُرَّ الهزيمةِ في اليمنِ، وما زالت غزَّةُ عصيِّةً، تخرجُ بعدَ كُلِّ مواجهةٍ صامدةً أبيّةً.

وَنُذكِركُم: إن الصواريخَ التي صَرعتكُم ما زالت على عواتِقِنَا، طوال حداد، تحمِلُها سواعدُ فتيةٍ أنجادٍ.

إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ، وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا، فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ، لِيَسُوؤُواْ وُجُوهَكُمْ، وَلِيَدْخُلُواْ الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ، وَلِيُتَبِّرُواْ مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا

عَسَى رَبُّكُمْ أَن يَرْحَمَكُمْ، وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا، وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا

صدق الله العلي العظيم، والحمدُ لله ربِ العالمين ..
 

اترك تعلیق

آخر الاخبار