بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحيمِ
"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ"
صَدَقَ الله العَلِي العَظيم
لا يَزالُ يومُ القُدسِ يُشكلُ عَلامةً فارقةً فِي تاريخِ الصّراعِ الذي تَخوضُهُ أُمَتُنا مَعَ قُوَى الشّرِ والاستِكبارِ فِي العالمِ، وَلا يَزالُ أثرُ النَّهجِ المُحمّديِّ الأصيلِ يَملأُ مَيادينَ المُواجَهةِ بِالمُقاوِمينَ لِمُخططاتِ التّطبيعِ وَالاستِسلامِ التي تَهدُف لِلقَضاءِ عَلَى الشّعبِ الفِلَسْطينيِّ، وَتَسليمِ فِلَسْطينَ لُقمَةً سَائِغةٍ لِلعِصاباتِ الصُّهيُونيِّةِ المُجرمةِ.
وَقد تَصَدى عُلَماؤنا وَقادَتُنا لِرفضِ المَشرُوعِ الاستِسلامِيِّ، وَإعادَةِ قَضيةِ فِلَسْطينَ إلى الواجهةِ بِكُلِ قُوَّةٍ وَعُنفوانٍ، فَأسقَطتْ رِهاناتِ الأعداءِ، وَوَضَعتْ الكِيانَ الإسرائيليَّ وَقُوَّى الاستكبارِ وَالحُكوماتِ العَميلَةِ الخائِنَةِ أمامَ مأزقٍ كبيرٍ.
لَقد شَكّلَ نِداءُ يَومِ القُدسِ صَرخةً لِلمُستَضعَفينَ فِي جَميعِ أنْحاءِ العالمِ بِوجهِ الاستكبارِ، وَجَددَ الأملَ لِشعبِ فِلَسْطينَ وَخَطِهِ المُقاوِمِ، الّذي كادَ أنْ يَفقِدَهُ فِي خِضَمِ تَكالُبِ قُوَّى الشّرِ وَالخيانَةِ عَلى وجُودِهِ وَحُقوقِهِ.
لَمْ تُبقِ أمْريكا وَالكّيانُ الصّهيونيّ وَأنظِمَةُ العَمالَةِ أيَ وَسيلةٍ إلا اتّبَعتها، أو سِلاحٍ إلا وَجَربَتهُ، لِمُواجهةِ المَدِ الثَّوريِّ الدّاعِمِ لِلفِلَسْطِينِيينَ، الذي بَاتَ يَقضُ مَضاجِعَهُم بِما يَملكُ مِنْ عُنفوانٍ وَبَصيرةٍ وَعَزيمةٍ، أنْتَجتْ رِجالا مُقاوِمينَ لَنْ يَتراجَعوا عَنْ استِئصالِ الغُدّةِ السّرَطانيِّةِ الصّهيونِيِّةِ مِنْ جَسدِ بِلادِ أُوْلَى القِبلَتينِ، وَتَحريرِ الأرضِ المُغتَصَبَةِ.
وَمِما لا يَقبَلُ الشَّكَ أنَّ الوِجودَ العَسكَريَّ الأمْريكيَّ غَيرَ الشّرعيّ فِي العِراقِ وَالمِنطَقةِ اليّوْمَ، إنَّمَا هَدَفُهُ حِمايَةُ الكِيَانِ الغَّاصِبِ، وَإدامَةُ المُواجَهةِ مَعَ مِحْوَرِ المُقاوَمَةِ، بَعدَ هَزيمَةِ مُؤامَرةِ دَاعِش، وَالّتي كانَتْ أحدَ أخْطَر حَلَقاتِ التَآمُرِ الأمريكيِّ عَلى شُعُوبِ المِنْطَقةِ لِتَفْكِيكِها وَتَقسِيمِها، وَضَمانِ تَفوقِ الكِيَانِ وَشَرعَنِةِ وَجُودِهِ.
كَمَا أنَّ النّشاطاتِ المَشبُوهَةَ التي تُمارِسُها أمريكا وَحُلَفاؤها فِي دَعمِ المَجامِيعِ الإجْرَامِيِّةِ، وَالمُخرِبينَ، وَمُثيري الفِتنِ، وَالمُنظماتِ التي تَنشُرُ الشُّذوذَ وَالانْحِلالَ الأخلاقيَّ، لِتَحطِيمِ القِيمِ الاجتِماعِيِّةِ وَالثَّقافيِّةِ لِمُجتَمعِنا، تُعدُ مِنْ أخْطَرِ أدوَاتِ السِّيطَرةِ عَلَى الشُعُوبِ، وَغَسلِ الأدْمِغةِ، لإبعادِهِم عَنْ القَضايا المُقدَسَةِ، وَقَبولِ التّطبيعِ مَعَ الصّهايِنَةِ.
إنَّ أمريكا الشَرِ وَالعُدوانِ وَبعدَ أنْ أيقَنتْ بِفَشلِ سَعيِّها فِي إضعافِ المِحوَرِ وَثنيهِ عَنْ أهدافِهِ وإصِطدامِها فِي كُلِ مَرةٍ بِصخرَةِ المُقاوَمةِ الإسلامِيِّةِ، اندَفَعتْ لارتِكابِ أبْشَع الجَرائِم بِحَقِ الأحْرَارِ، مُتَوهمةً أنَّها سَتَفُتْ عَضُدَ المُقاوِمينَ أوْ تَدفَعهم للتَراجُعِ أوْ الاستِسلامِ.
وَبِهذهِ المُناسَبَةِ نؤكِدُ - نَحنُ فِي المُقاوَمَةِ الإسلاميِّةِ كَتَائِب حِزبِ اللهِ - ثَباتَنا عَلَى الخَطِ المُقاوِمِ، وَلَنْ نَستَكينَ حَتى إرجاعِ الحَقِ لأهلِهِ، وإخرَاجِ الغُرباءِ الأشرارِ مِنْ العِراقِ وَالمِنطَقةِ، وَنُشَدِدُ عَلَى الجِهاتِ المُختَصةِ العِراقيِّةِ فِي ضَرورةِ مُتابَعةِ مَنْ انتَهكوا القَانونَ العِراقيَّ بِالاتصالِ مَع مُغتَصبيّ الأرض الفِلَسْطينيِّةِ، وَتَقديمِهمْ لِلعَدالةِ لِيَنالوا جَزاءَهُمْ العَادِلَ بِما اقتَرَفَتْ أيدِيهمْ.
وَخِتامًا نَسألُ اللهَ تَعالى أنْ يُوفِقَنا لِلصَلاةِ فِي القُدسِ الشَّريفِ بَعدَ تَطهيرِهِ مِنْ رِجسِ الصّهاينَةِ.