قال الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله في الكلمة التي ألقاها في إحتفال يوم القدس العالمي الذي أقامه حزب الله في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية "ان المقاومة التي استهدفت قوات الاحتلال بعملياتها الجهادية فاجأت الاحتلال الأمريكي، حجم الخسائر الأمريكية أكبر من أن يتحمله الشعب الأمريكي والإدارة الأمريكية، حجم الإنفاق لمواجهة هذه المقاومة وتثبيت الحضور العسكري أكبر من أن تتحمله الخزينة الأمريكية، فكان الخيار الوحيد المتاح أمام الأمريكيين هو الانسحاب التدريجي، وبهذا الشكل هناك عامل ثانٍ ومهم جداً ولا يقل أهمية عن عامل المقاومة، هو عامل صمود الشعب العراقي، صبر وتحمل الشعب العراقي.
وقال نصر الله في الاحتفال "أن يوم القدس هو يوم تكرار الثوابت على مسامع العالم لنقول لهم إن التحديات والأخطار والصعوبات والآلام لم تغيّر حرفاً واحداً في هذه الثوابت، وإن تغيّر البعض أو سقط في منتصف الطريق".
وتابع السيد نصرالله "إن الإمام الخميني قدس سره الشريف أعلن قبل أكثر من 30 آخر يوم جمعة من شهر رمضان المبارك يوماً عالمياً للقدس، وأهتم في هذا اليوم حتى بعد رحيل الإمام الخميني (قدس سره الشريف) عندما جدد وأكد سماحة الإمام السيد الخامنئي (دام ظله) الاستمرار في نفس النهج ".
واكد نصر الله "ان من ثوابت يوم القدس هو التأكيد على ان "إسرائيل دولة غير شرعية، غير قانونية، غير إنسانية، غير أخلاقية، دولة كيان قام على الاغتصاب والقتل والمجازر وبالتالي لا يمكن أن تكتسب شرعية لو اعترف بها من اعترف وأقر بها من أقر".
ووصف السيد نصر الله الانسحاب الأمريكي من العراق بـ "عنوان فشل، عنوان هزيمة". مؤكداً بالقول " لم يجرؤ أحد في الإدارة الأمريكية أن يلقي خطاب نصر بل ما ألقي هو أقرب لأن يكون خطاب هزيمة وطرح تبريرات للانسحاب. حتى عندما تحدث بعضهم عن إنجاز، تحدث عن إنجاز متواضع وهزيل. كلنا يعرف أن الأمريكيين جاءوا إلى العراق للبقاء والسيطرة وليس للخروج بعد سنوات، ولكنهم فُوجئوا. كانوا يتصورون (غير هذا) ـ وهم تحدثوا عن أخطاء هائلة واستراتيجية في قراءة الساحة العراقية ـ هم فوجئوا بعامل المقاومة الذي بدأ باكراً, وأنا عندما أتحدث عن المقاومة ويستمع إلي أخواني العراقيون يجب أن أميز وأجزم بشكل قاطع وحاسم: المقاومة تعني تلك العمليات الجهادية البطولية التي كانت تستهدف قوات الاحتلال، أما العمليات التي كانت تستهدف الشعب العراقي من كل الطوائف، من كل القوميات، المساجد والكنائس والحسينيات والمدارس ووزارات الدولة والأسواق، هذه عمليات إرهابية إجرامية، عمليات قتل منظم جماعي، جرائم حرب لا يمكن الخلط بينها وبين المقاومة ولا تحمل نهج المقاومة مسؤوليتها.
وأكد نصر الله على وجوب الوقوف بإجلال وإكبار أمام صبر الشعب العراقي، لتحمله هذا المستوى من التفجيرات المرعبة يومياً أو (بشكل) شبه يومي وعلى مدى سنوات دون أن ينجرّ إلى الاقتتال الطائفي، تفجيرات تصحبها شائعات وتصحبها خطب نارية وتصحبها اتهامات جاهزة وتصحبها وسائل إعلام لا تضع الملح على الجرح وإنما تضع السكاكين في الجراح، ومع ذلك استطاع هذا الشعب العراقي المظلوم بوعي وبتوجيه من مرجعياته الدينية ومن قياداته الدينية والثقافية والاجتماعية وبوعيه وإرادته وعزمه أن يفوّت هذه المؤامرة".
وأتهم السيد نصر الله الإسرائيليين وأجهزة المخابرات الأميركية بتجنيد المجموعات الاجرامية والانتحارية لتنفيذ التفجيرات التي كانت وما زالت تجري في العراق، إذا كان هذا هو مستوى الاختراق الإسرائيلي في لبنان، فما بالكم بمستوى الاختراق المخابراتي الاسرائيلي في العراق في ظل الاحتلال الأمريكي للعراق، والعراق اليوم ساحة مفتوحة للموساد الإسرائيلي، لمحطات الموساد الإسرائيلي، للتجنيد الإسرائيلي، وكلنا يعرف أن إسرائيل لديها خط أحمر أن يكون هناك عراق موحد، متماسك، قوي يقف في صف هذه الأمة وأن يكون جزءاً من هذه الأمة وقضايا هذه الأمة. هذا ما ينتظره الجميع من العراق، وهذا خط أحمر إسرائيلي، ولذلك هي عليها أن تعمل للتقتيل وللتفتيت".
وأوضح نصر الله " بعد 11 أيلول جاء المحافظون الجدد إلى الإدارة الأميركية ومعهم مشروع لكل هذه المنطقة ...، فجمعت أساطيلها وفككت الكثير من قواعدها العسكرية في كل أنحاء العالم وجاءت بها إلى منطقتنا العربية والإسلامية حيث النفط، حيث الغاز وحيث الثروات الطبيعية الهائلة، وكان مشروعها هو تثبيت الكيان الإسرائيلي نهائيا من خلال تسوية تفرض على الفلسطينيين وبتوقيع عربي شامل.
وجاءوا بمشروع يهدف إلى تصفية المقاومة الفلسطينية كلياً، الشعبية والسياسية، وحتى المقاومة الثقافية، كان المطلوب عقد تسوية إسرائيلية فلسطينية، من يعترض عليها لا يقطع لسانه وإنما يقطع رأسه، مؤكداً ان المشروع الامريكي الاسرائيلي جاء ايضاً لتصفية المقاومة في لبنان وإسقاط النظام المقاوم والممانع في سوريا، وكان يريد السيطرة والهيمنة المطلقة على العراق وأن لا تكون إرادة حقيقية للشعب العراقي، وكان المطلوب الوصول إلى مرحلة محاصرة إيران وعزل إيران وافتتان إيران وتخريب إيران، وفي نهاية المطاف ضرب إيران وإسقاط النظام الاسلامي في ايران، لتستتب هذه المنطقة كلها للمشروع الاميركي الاسرائيلي.
وقال السيد نصر الله "ان أميركا عاجزة وغير قادرة على شن حروب جديدة, ليس لأن عندها تعديل بنظام القيم وليس لأن عندها إعادة نظر بموقفها من حقوق الإنسان وحقوق الشعوب وليس لأن عندها مراجعة أخلاقية، أبداً، بل لأن لديها أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية وعجز نتيجة فشل الهجمة الاستكبارية الضخمة التي شنت على هذه المنطقة.
وذكر نصر الله في كلمته "ان نجاح محور المقاومة وسقوط المشروع الامريكي الاسرائيلي كان بسبب صمود الشعب الفلسطيني، صمود المقاومة في لبنان وصمود الإرادة السياسية الوطنية في لبنان وعدم خضوعها للإملاءات الأميركية الغربية على مدى خمس سنوات، صمود سوريا، صمود إيران، صمود الشعب العراقي ومقاومة الشعب العراقي، كل هذه القوى التي صمدت واستطاعت أن تحقق هذا الانجاز.
المصدر: وكالات انباء