اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، الجمعة، أن حادث مقتل الدبلوماسيين الأمريكيين في ليبيا وموجة العنف التي تستهدف مقار السفارات الأمريكية في دول منطقة الشرق الأوسط، ردا على إنتاج فيلم أمريكي يسيء للنبي محمد - صلي الله عليه واله وسلم- يعيد رسم الخارطة السياسية العالمية، حيث ينحسر دور الولايات المتحدة تدريجيا كقوة عظمى لتصبح قوة "انتقائية".
وأوضحت الصحيفة، في مقالها الافتتاحي، أن المؤرخين قد يجدون في الحقبة الراهنة " نذير تحول مهم يطرأ على دور الولايات المتحدة في مختلف أنحاء العالم في المستقبل". وانتقدت ما وصفته بـ"خلو حملات مرشحي انتخابات الرئاسة الأمريكية، سواء كان الرئيس باراك أوباما، مرشح الحزب الديمقراطي، أو ميت رومني، مرشح الحزب الجمهوري، من ملامح واضحة ومحددة لسياسات واشنطن الخارجية".
وأردفت أنه سواء كان الفائز أوباما أو رومني، يظل الأمريكيون يرون بلادهم أكثر الدول نفوذا وتأثيرا داخل الكتلة العالمية، غافلين حقيقة أن طموح واشنطن العالمي بات يضيق ويتضاءل شيئا فشيئا.
وأضافت الصحيفة أن اكتفاء واشنطن "بالقيادة من خلف الستار" إبان الثورة الليبية التي أطاحت بنظام معمر القذافي، وعزوفها الآن عن اعتماد الخيار العسكري لحل الأزمة السورية، وحرصها الشديد على الانسحاب من أفغانستان حسب الموعد النهائي، جميعها معالم ومؤشرات يستدل من خلالها على حجم النفوذ والهمينة الأمريكية في المستقبل.
ورأت الصحيفة أن صورة الولايات المتحدة باعتبارها "الضامن الدائم للمصالح العالمية المشتركة"، يتم استبدالها الآن بتقييمات أكثر حدة للمصالح القومية، مشيرة إلى أن الخبرات (المؤسفة) التي عاصرها الأمريكيون خلال فترات الحرب على العراق وأفغانستان، أفقدت الناخبين حماسهم حيال (المغامرات الخارجية).
ولفتت الصحيفة إلى أن ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) تواجه أيضا ضغوطا حادة حول كيفية تخطي حالات العجز المرتفعة والديون المتراكمة، كما أنه في حال اضطرار الأسطول الأمريكي إلي إرسال سفن لإعادة بسط النفوذ الأمريكي داخل القارة الآسيوية، سيترك الجيش بعدد أقل من القوات كي ينشرها سواء في أوروبا أو منطقة الشرق الأوسط.