العراق من (حرية) بوش إلى (فجر) أوباما .. الشرق

قبل 7 سنوات جلس الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض ليعلن الحرب على العراق، وبعد 7 سنوات يجلس رئيس أمريكي آخر في المكان ذاته ليعلن انتهاء تلك الحرب. قبل 7 سنوات أطلق الرئيس جورج بوش عملية "حرية العراق"، وبعد 7 سنوات يطلق الرئيس باراك أوباما عملية "الفجر الجديد"، ما أسهل إشعال الحروب، وما أصعب إنهاءها. بعملية "حرية العراق" تمزق العراق وسالت دماء أبنائه بذريعة أسلحة دمار شامل لم يُعثر عليها قط، وانهارت الدولة وتفككت مؤسساتها، وتقاتل أبناء الشعب الواحد وارتكبوا الفظائع في حق أنفسهم. كانت سنوات جحيم لم ينته بعد، من تفجيراتٍ لم تستثنِ أحداً، وقتلٍ لا يتوقف، فيما البيت الأبيض يكرر في كل مناسبة أن العالم أصبح أكثر أمناً بسقوط الرئيس العراقي السابق صدام حسين. رغم ذلك لم يتغير مستوى الأمن، فتفجيرات القاعدة لم تتوقف، إلا إذا كانت واشنطن ترى معيار تحسن الأمن بعدم تكرار هجمات مماثلة لتلك التي حدثت في 11 سبتمبر، فهذا موضوع آخر. "حرية العراق" دمرت أبسط مقومات الحياة العادية فيه، فرغم هذه "الحرية" لم يستطع مسؤولو "العراق الجديد" الاتفاق على مجرد تشكيل حكومة بعد 6 أشهر من الانتخابات البرلمانية، وهم الذين كانت قضيتهم قبل الغزو "تخليص" العراق من احتكار السلطة، والاحتكام إلى الشعب العراقي في جو ديمقراطي، لكنهم نسوا كلمة العراقيين التي أفرزتها صناديق الاقتراع، وظلوا مختلفين على شخص "رئيس الوزراء". أما واشنطن التي وعدت العالم بنموذج ديمقراطي في منطقة ظلت تتهمها بغياب الديمقراطية، فقد وجدت نفسها عاجزة حتى عن مجرد وصف حصيلة حرب 7 سنوات، فلم تقل: إنها انتصرت، ولو قالتها لكذَّبها الواقع، كما لم تقل: إنها انهزمت، ويبدو أنها نتيجة جديدة للحروب، لا هزيمة ولا انتصار، ربما هذه النتيجة من صناعة أمريكية. وربما هي حصيلة التخبط الذي جعل توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق يقول: إنه "لم يكن يدرك أبداً الكابوس الذي أعقب حرب العراق". أما الرئيس باراك أوباما فوجد نفسه يسدد فاتورة سياسة لم يشارك في وضعها.. وجد أمامه ملف الاقتصاد المتدهور وحربين تستنزفان هذا الاقتصاد الذي أثقله كلكل أزمة اقتصادية عالمية ما زالت مستمرة حتى اليوم، وتنذر بأخطار أكبر مما سبقها. سيستيقظ العراقيون على "فجر جديد" أطلقه أوباما، وقراءة المعطيات الراهنة تقول: إنه "انفجار جديد"، فالجيش الأمريكي لم يرحل، بل ما زال منه في العراق 50 ألف جندي، وإذا رحل عشرات آلاف الجنود فسيحل محلهم عشرات آلاف المرتزقة العاملين في الشركات الأمنية، ولن يرتاح حاكم البيت الأبيض من الملف العراقي ما دامت الأطراف السياسية لم تتفق على مجرد منصب رئيس الوزراء، ناهيك عن "الكابوس" الأمني، وعملية بناء "العراق الجديد".

 

 صحيفة الشرق القطرية

اترك تعلیق

آخر المقالات