الدم العراقي ثمن الاتفاقية الأمنية

 عودة عمليات التفجير والاغتيال في العراق بشكل متصاعد في هذه الآونة، لا يمكن فصلها عن الضغوط الأمريكية الساعية إلى تجديد الاتفاقية الأمنية التي تنتهي أواخر العام الحالي، بهدف الإبقاء على وجود عسكري يضمن للولايات المتحدة إبقاء سيطرتها على العراق وتحديداً على النفط وهو الهدف الأساس من غزوه واحتلاله . لقد هدد وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس في إبريل/نيسان الماضي العراقيين بضرورة طلب تجديد الاتفاقية الأمنية المعقودة عام 2008 بسرعة "لأن الوقت ينفد"، وهو الأمر الذي دعا إليه عدد من أعضاء الكونغرس الذين زاروا العراق وبعض القادة العسكريين الأمريكيين، إضافة إلى سفير أمريكا الأسبق في بغداد زلماي خليل زاد الذي قام بزيارة خاصة إلى العراق لهذا الغرض قبل شهرين . الأمريكيون مصممون على عدم الخروج من العراق باعتباره "كنزاً استراتيجياً" لا يمكنهم التفريط به، أو خروجه من قبضتهم، لذلك هم يجهدون لحمل الحكومة العراقية على تجديد الاتفاقية ويجرون اتصالات بهذا الخصوص مع كل القوى والأحزاب السياسية، ويحذرون من مخاطر الفراغ الأمني على النظام العراقي بزعم أنهم ضمانة لهذا الأمن في ظل عدم قدرة الجيش العراقي والقوى الأمنية الأخرى القيام بهذا الدور. ولبلوغ هذا الهدف لا بد من إيجاد الأرضية والمناخات المناسبة التي تهيّئ لهذا التجديد، أو إيجاد اتفاقية أمنية بديلة تشكل في مضمونها ما يشبه "الاحتلال التعاقدي" على غرار ما حصل بالنسبة لليابان وألمانيا وكوريا الجنوبية بعيد الحرب العالمية الثانية من وجود رسمي للقوات الأمريكية في هذه الدول . والمناخات المطلوبة لا يمكن أن تتوافر إلا من خلال التوتير الأمني المتمثل بالتفجيرات والاغتيالات كما يحصل حالياً، للإيحاء للعراقيين بأن الأوضاع مقبلة على مزيد من الفوضى وعمليات القتل، وأن الأجهزة الأمنية العراقية عاجزة عن القيام بمهامها، وأن لا بديل إلا بوجود قوات أمريكية . لذا، ليس من المستبعد أن يشهد العراق خلال الأشهر القليلة المقبلة المزيد من سفك الدماء، وما يجري الآن مجرد مقدمة، أو تمرين لما هو أسوأ لتمرير تمديد الاتفاقية .    

المصدر: افتتاحية الخليج  25/06/2011 

اترك تعلیق

آخر المقالات