بسم الله الرحمن الرحيم
" لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ"
صدق الله العلي العظيم
لم تنطلقْ تظاهراتُ الغضبِ العراقيِّ بطراً، ولم تنزلْ جموعُ الشعب إلى الساحاتِ والشوارعِ إلا بعد أن بلغَ حجمُ الآلام والأوجاع ما فاقَ حدَّ التحمُّلِ والصبرِ، فلا يُعقلُ أن يعيشَ شعبٌ بهذا المستوى المتردّي في جميع مجالات الحياة من دون أن يرفعَ صوتَه عالياً بوجهِ من سلبَهُ مقوماتِ الحياةِ الكريمةِ في الضمانِ الصحيّ، والتعليم، والخدماتِ، والسكن اللائق، وفُرص العملِ، والعدالة في توزيع الثرواتِ، وسلطةٍ قضائيةٍ تضمنُ منعَ الفاسدين من الاستئثارِ بالمال العامِّ، وقطع دابِرِ الخونة؛ الذين يعبثون بأمن العراق، ويتواطؤنَ مع أعدائه؛ لمنعه من الاستقرار، واستنزاف إمكاناتِهِ الماديّة والبشريّة.
إنّ تدخلاتِ امريكا كانت - وما زالت- تنتهكُ السيادةَ الوطنيةَ، وتعملُ على الدوامِ لتحقيقِ مآربها الخبيثة، وما يثير الفوضى في المنطقة عموماً، والعراق خصوصاً، أمّا دموعُ التماسيحِ التي تذرِفُهَا، وادِّعاؤها مساندةَ مطالبِ الجماهيرِ، او تقديم بيت الشرّ الأمريكي توصياتٍ، إنما هي خُدعةٌ يفضَحُها سِجِلُّهَا الإجراميُّ الأسودُ بحق شعب العراق، وشعوب العالم ومنها الشعب الامريكي الذي تعامل بيت الشرّ مع تظاهراته ومطالبه بأشدّ أنواع القمعِ، والقسوةِ، والتمييز العنصريّ، والكراهية، وتمارس سفارَتُها في بغداد - وهي الأكبر في العالم- التجسُّسَ والتآمرَ على العراق والمنطقة، والتي تشكل عبئاً كبيراً على ميزانية البلد، ومن الواجب قطعُ دابر هذا السرطانِ، وطردُ السفيرِ الأمريكيّ، وإغلاقُ وكرِ التجسُّسِ وسفارة الشر.
ولمّا كان النظامُ السياسيُّ الذي صمَّمَهُ الاحتلالُ الامريكيُّ قد بُنِيَ على المحاصَصَةِ الطائفيّةِ، وتوزيعِ المناصبِ والمكاسبِ بين القِوَى التي تُمثِّلُ المكوناتِ، فمِن غيرِ المنطقيّ أن تتحمَّلَ قوًى لِمُكَوِّنٍ واحدٍ مَا آلَتْ إليه أوضاعُ العراقِ مِن فشلٍ ذريعٍ في جميعِ المجالاتِ؛ بل يجبُ أن تقِفَ جميعُ قِوَى المكوّناتِ تحتَ طائلةِ المحاسبةِ، لا أن تَنأى بنفسِهَا عَمّا حلَّ بالبلدِ مِن خرابٍ وفساد، وفي الوقت نفسه تمارسُ أقذرَ أنواعِ النفاقِ في وسائِلِهَا الإعلاميّةِ، وتُحرِّض ضدّ النظامِ السياسيِّ في صورةٍ من صورِ الاستغفالِ والتضليلِ بحق شعبِنَا العزيزِ.
ولا شكَّ في أن مَنشَأ المحاصصَةَ في تشكيلِ الحكومةِ هو البرلمانُ؛ حتى تحوّل إلى سوقٍ تُبَاع فيه المناصبُ والتعييناتُ، وتعزِّزُ مكتسباتِ عشائرَ؛ مثلَ الكرابلةِ، والحلابسةِ، وآلِ النُجيفِيّ في وقتٍ ما، وآلِ فلان ... بل إن الأمرَ وصلَ إلى حدّ الخيانةِ العُظمى للبلاد، والمتاجرةِ بالقضايا المصيريّةِ المرتبطةِ بالأمنِ والسيادةِ، ولا ينبغي أيضاً إغفالُ الفسادِ المستشرِي في رئاسة الجمهوريّة؛ وهو الذي يفتِكُ بالجسدِ العراقيِّ بما يفوقُ "تسعةَ" أضعافِ مستوَى فسادِ العاملينَ في منظومةِ السُّلطةِ التنفيذيّةِ، ثُمَّ إن على السيّدِ رئيسِ الوزراءِ الالتفاتَ إلى أن القراراتِ التي اتخذها بدأتْ تُسَوَّفُ من بعضِ عناصر جهازِهِ التنفيذيِّ؛ خدمةً للمشروعِ الصَّهيُوأمريكيِّ.
نحنُ في كتائبِ حزبِ اللهِ نؤكِّدُ وقوفَنا التامَّ مع مطالبِ المتظاهرينَ الحَقّةِ؛ ونقولُ لابنائنا: إنّنا منكُم ومعكُم، وسنعملُ على مراقبةِ الأداءِ الحكوميّ والبرلمانيّ عن قُرب على وفق الأُطر الزمنيّةِ التي طالَبَتْ بها المرجعيّةُ، وإن لم تتحقّق مطالبُكم سنبقَى معكُم بكل مالدينا من ثِقْل وإمكاناتٍ، ولن نعودَ حينها الا باقتلاعِ جذورِ الفاسدينَ، كما اقتلعنا جذورَ الدواعشِ والمحتلّينَ، وهذا عهدُ شعبِنَا بنا ولن يخيبَ عَهدُه.